السؤال
ما سبب نزول الآيات 18+19+20+21 من سورة فصلت؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الآيات التي سألت عن أسباب نزولها من سورة فصلت هي: وَنَجَّيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ* وَيَوْمَ يُحْشَرُ أَعْدَاءُ اللَّهِ إِلَى النَّارِ فَهُمْ يُوزَعُونَ* حَتَّى إِذَا مَا جَاءُوهَا شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصَارُهُمْ وَجُلُودُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ* وَقَالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنَا قَالُوا أَنْطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنْطَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ [فصلت:18-19-20-21].
لا نعلم سبباً خاصاً لنزولها، لكن الآية الأولى من هذه الآيات هي من جملة آيات تبين عاقبة الأمم السابقة التي كذبت رسلها، وقد أمر الله النبي -صلى الله عليه وسلم بإنذار عبدة الأوثان بعذاب مماثل لما نزل بتلك الأمم التي كذبت رسلها، قال الله تعالى: فَإِنْ أَعْرَضُوا فَقُلْ أَنْذَرْتُكُمْ صَاعِقَةً مِثْلَ صَاعِقَةِ عَادٍ وَثَمُودَ [فصلت:13] إلى أن قال تعالى: فَأَخَذَتْهُمْ صَاعِقَةُ الْعَذَابِ الْهُونِ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ* وَنَجَّيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ [فصلت:17-18].
قال صاحب التفسير المنير في العقيدة والشريعة والمنهج: بعد بيان إعراض عبدة الأوثان عن الإيمان بالله، بالرغم من الأدلة الدالة على وجوده وتوحيده وقدرته من خلق السماوات والأرض، أمر الله تعالى رسوله -صلى الله عليه وسلم- بأن ينذرهم بعذاب شديد مماثل للعذاب الذي نزل بعاد وثمود من قبلهم، مع بيان سبب العذاب النازل بكل قبيلة على حدة. 24/202.
وأما الآيات الثلاث 19-21، فهي تبين العقوبة في الآخرة وشهادة الأعضاء على أصحابها يوم القيامة، إنذاراً لهم وتخويفاً، قال في التفسير المنير: بعد أن بين الله تعالى كيفية عقوبة أولئك الكفار الجاحدين في الدنيا، أردفه ببيان كيفية عقوبتهم في الآخرة، ليكون ذلك أتم في الزجر والتحذير. 24/210.
ثم جاء بعد ذلك كالدليل على شهادة الأعضاء في قوله تعالى: وَمَا كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلا أَبْصَارُكُمْ وَلا جُلُودُكُمْ وَلَكِنْ ظَنَنْتُمْ أَنَّ اللَّهَ لا يَعْلَمُ كَثِيراً مِمَّا تَعْمَلُونَ* وَذَلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنْتُمْ بِرَبِّكُمْ أَرْدَاكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ مِنَ الْخَاسِرِينَ [فصلت:22-23].
روى الشيخان عن ابن مسعود -رضي الله عنه- قال: كنت مستتراً بأستار الكعبة فجاء ثلاثة نفر: قرشي وختناه ثقفيان، أو ثقفي وختناه قرشيان، كثير شحم بطونهم، قليل فقه قلوبهم، فتكلموا بكلام لم أسمعه، فقال أحدهم: أترون أن الله يسمع كلامنا هنا؟ فقال الآخر: إن سمع منه شيئاً سمعه كله، قال: فذكرت ذلك للنبي -صلى الله عليه وسلم-، فأنزل الله -عزَّ وجلَّ-: وَمَا كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلا أَبْصَارُكُمْ وَلا جُلُودُكُمْ وَلَكِنْ ظَنَنْتُمْ أَنَّ اللَّهَ لا يَعْلَمُ كَثِيراً مِمَّا تَعْمَلُونَ* وَذَلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنْتُمْ بِرَبِّكُمْ أَرْدَاكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ مِنَ الْخَاسِرِينَ.
والله أعلم.
يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني