السؤال
أطلب الحكم في مسألة وقعت بين صاحب المعمل والزبون، حيث اتفق الطرفان الأول أو من ينوب عنه في المعمل أن ينجز البضاعة المطلوبة للزبون, ويقوم الزبون بدفع المبلغ على قسمين الأول قبل البدء بالعمل، والثاني عند استلام البضاعة كاملة، وبعد إنجاز البضاعة اتصل صاحب المعمل بالزبون لاستلامها، ولكن تعذر عليه أخذها لظرف طارئ وهو وجود المسلحين في المنطقة التي يقيم فيها، وهجر بعدها بأيام قليلة من منطقته، وعلى هذا الحال بقيت البضاعة في المعمل وهجر صاحب المعمل بعدها هو أيضا عند وصول المسلحين إلى المنطقة التي فيها المعمل بعد أشهر والتي تبعد ثلاث كيلو عن منطقة الزبون، ودام هذا الحال أكثر من سنة، وعند رجوع الطرفين إلى مناطقهم وجدا أن المعمل قد تضرر أضرارا بالغة ولا وجود فيه للبضاعة، فهل يجب على صاحب المعمل إنجاز البضاعة المتفق عليها مسبقا من جديد وعلى الزبون دفع القسم المتبقي من المبلغ؟ أو يدفع الزبون القسم المتبقي ولا يأخذ شيئا من البضاعة التي تضررت على اعتبار أن الزبون تأخر في أخذها وهو يتحمل الأضرار كاملة؟.
وجزاكم الله خيرا.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالعقد المذكور فيما اتضح هو عقد استصناع، وقد بينا حقيقته وشروطه في الفتوى رقم: 333547.
وبناء عليه، فضمان المستصنع على صاحب المعمل، لأن الزبون لم يتمكن من القبض ولو حكما، وقد جاء في المعايير الشرعية حول تسليم المصنوع والتصرف فيه ما يلي:
6ـ1 تبرأ ذمة الصانع بتسليم المصنوع إلى المستصنع أو تمكينه منه، أو تسليمه إلى من يحدده المستصنع....
6ـ 4 يجوز أن يكون تسليم المصنوع بطريقة القبض الحكمي بتمكين الصانع للمستصنع من قبض المصنوع بعد انجازه وبذلك ينتهي ضمان الصانع، ويبدأ ضمان المستصنع، فإذا حصل بعد التمكن تلف للمصنوع غير ناشئ عن تعدي الصانع أو تقصيره يتحمله المستصنع، وبذلك يتم الفصل بين الضمانين: ضمان الصانع، وضمان المستصنع.
6ـ5 إذا امتنع المستصنع عن قبض المصنوع بدون حق بعد تمكينه من القبض يكون أمانة في يد الصانع لا يضمنه إلا بالتعدي أو التقصير، ويتحمل المستصنع تكلفة حفظه.
ولكن هنا لم يمتنع من القبض، بل حال دون تمكنه منه وجود المسلحين بمنطقته، وبالتالي، فيبقى ضمان المصنوع على رب المعمل؛ إلا أن يرضى الزبون بإسقاط الحق عنه وعدم مطالبته به أو نحو ذلك مما فيه مراعاة للضرر الذي لحق به، ولرب المعمل البحث عن المعتدين ومطالبتهم برد ما نهبوا وأخذوا بغير حق.
والله أعلم.