السؤال
أغلب ما أكتب على مواقع التواصل الاجتماعي، أرجو به بيان الحقيقة، والدَّعوة إلى الله، ودحض أفكار خاطئةٍ تمامًا مخالفةً للإسلام وردَّها، ورفض الظُّلم وبيانه، ولكنَّ بعض هذه الأمور لا يرضى بها والداي، ويطالباني بالكفِّ عنها -ولا سيِّما في مسائل رفض الظُّلم وبيانه، وما يتعلَّق بها- خوفًا عليَّ من الاعتقال والحبس. فهل لهما حقُّ الطَّاعة في ذلك، مع كوني أسعى بما أنشره لنشر الوعي الغائب، والدَّعوة إلى الله قدر استطاعتي، وبيان كلمة الحقِّ، وأنا أرى أنَّ هذه المسائل قد غابت عن كثيرٍ من المسلمين؟
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فينبغي أن يعلم في البدء أن الدعوة إلى الله عز وجل، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر من فروض الكفاية في الأصل، وهما من أفضل القربات. وسبق أن بينا ذلك في الفتويين التاليتين: 96053، 9358. وكل واحد منهما قد يتعين في حق المسلم، حيث لا يوجد من يقوم بهما سواه، كما أوضحناه في الفتويين التاليتين: 29987، 28741.
فإذا تعين عليك شيء من ذلك، بأن لم يوجد من يقوم به غيرك، فلا تجوز لك طاعة والديك إن منعاك من القيام به؛ لأن طاعتهما حينئذ ليست من الطاعة في المعروف، بل من الطاعة في المعصية، فلا تجوز. وإن لم يتعين في حقك، وجبت عليك طاعتهما. وراجع لمزيد الفائدة الفتويين التاليتين: 65314، 123285.
وننبه إلى أمرين:
الأول: أن التعرض للأذى من لوازم القيام بواجب الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر في الغالب، ولذا أمر لقمان ابنه بالقيام بهذا الواجب والصبر على الأذى فيه، قال تعالى حكاية عنه: يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلَاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ {لقمان:17}.
الثاني: أن الغالب في وسائل التواصل الاجتماعي أن يكثر فيها المبينون للحق، والآمرون بالمعروف، الناهون عن المنكر، فيكون القيام بذلك حينئذ من فروض الكفاية.
والله أعلم.