السؤال
قرأت أن الملائكة لا يوصفون بذكورة أو أنوثة وفي القرآن: أن الله خلق من كل شيء زوجين فهل من تفسير؟
قرأت أن الملائكة لا يوصفون بذكورة أو أنوثة وفي القرآن: أن الله خلق من كل شيء زوجين فهل من تفسير؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فقد اختلف المفسرون في تفسير قوله تعالى: وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ [الذريات:49]. على قولين حكاهما ابن جرير رحمه الله وغيره: الأول: أن المراد بالزوجين الإشارة إلى المتضاد والمتقابلات من المخلوقات، كالذكر والأنثى، والسماء والأرض، والليل والنهار، والشمس والقمر، والبر والبحر، والضياء والظلام، والإيمان والكفر، والموت والحياة، والشقاء والسعادة، والجنة والنار، ونحو ذلك. وهذا القول مروي عن مجاهد والحسن رحمهما الله. الثاني: أن المراد بالزوجين: الذكر والأنثى، وهذا القول مروي عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم رحمه الله. وقد رجح القول الأول ابن جرير، واقتصر عليه البخاري في تفسير الآية، وكذلك اقتصر عليه البغوي وابن كثير والبيضاوي والواحدي وابن الجوزي وغيرهم، مما يدل على ترجيحهم لهذا القول. قال ابن جرير رحمه الله في الاحتجاج لذلك: وأولى القولين في ذلك قول مجاهد، وهو أن الله تبارك وتعالى خلق لكل ما خلق من خلقه ثانيا له مخالفا في معناه، فكل واحد منهما زوج للآخر، ولذلك قيل خلقنا زوجين، وإنما نبه جل ثناؤه بذلك من قوله على قدرته على خلق ما يشاء خلقه من شيء، وأنه ليس كالأشياء التي شأنها فعل نوع واحد. ومما يوضح هذا: أن الآية في سياق التدليل على قدرة الله ووحدانيته لا ريب. وعلى هذا، فعلى القول الراجح لا إشكال في تناول الآية للملائكة كتناولها لسائر المخلوقات، لأن الله تعالى قد خلقهم وخلق الشياطين، كما خلق الجن والإنس وسائر المتقابلات. وعلى القول المرجوح، فالآية لا تتناول الملائكة، ويكون المراد بقوله تعالى: وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ من كل شيء يقبل ذلك، كقوله تعالى في الريح التي سلطها على عاد: ُتدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا أي كل شيء يقبل التدمير، فقد خرج من دلالة الآية السماء والأرض وأمور كثيرة، كما هو معلوم بالحس. والله أعلم.
يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني