السؤال
هل قصة أبي حنيفة والحلاق صحيحة؟
نقلوا عنه أنه قال تعلمت خمسا من حجام[حلاق]أو ستا، في مناسك الحج. منقولة عن وكيع، وابن حجر في التلخيص قال: مشهورة.
سؤالي: هل وقفتم على إسناد لها، متصل إلى أبي حنيفة؟
من أسندها من أهل العلم؟ وهل يصح هذا الإسناد؛ لأن الشهرة لا يلزم منها الصحة كما هو معلوم.
ثم إني لا أظن أن أبا حنيفة يجهل ما نقله هذا الحلاق، ويطبق كل ما قاله!! مع أن منها ما لم يرد في السنة فعله أصلا -حسب علمي-
كقوله: صل ركعتين بعد الحلاقة، وبعضها لم يثبت -حسب علمي- كاستقبال القبلة ودفن الشعر؟
لا شك أن العالم تفوته أشياء، ويستفيد ممن هو أقل منه، هذا واضح لدي. ولكن القصة في ظني منكرة!!
آمل إفادتي هل يصح سندها؟ وهل متنها محتمل في حق الإمام أبي حنيفة -رحمه الله؛ لأنها انتشرت في مقاطع لدعاة ووعاظ.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد أسند هذه القصة ابن الجوزي، وذكر أن الحلاق أخذ هذه الأحكام من عطاء.
فقد قال ابن الجوزي في مثير العزم الساكن إلى أشرف الأماكن: أخبرنا أبو المعمر الأنصاري، أنبأنا جعفر بن أحمد، أنبأنا أبو محمد الخلال، أنبأنا أحمد بن محمد بن القاسم الرازي، حدثنا أحمد بن محمد الجوهري، أنبأنا إبراهيم بن سهل المدائني، حدثني سيف بن جابر القاضي، عن وكيع، قال: قال لي أبو حنيفة النعمان بن ثابت رضي الله عنه: أخطأت في خمسة أبواب من المناسك، فعلمنيها حجام، وذلك أني حين أردت أن أحلق رأسي وقف علي حجام، فقلت له: بكم تحلق رأسي؟ فقال: أعراقي قلت: نعم.
قال: النسك لا يشارط عليه، اجلس.
فجلست منحرفا عن القبلة، فقال لي: حول وجهك إلى القبلة. فحولته، وأردت أن أحلق من الجانب الأيسر، فقال: أدر الشق الأيمن من رأسك، فأدرته، وجعل يحلق وأنا ساكت، فقال: كبر.
فجعلت أكبر حتى قمت لأذهب، فقال: إلى أين تريد؟ قلت: رحلي.
قال: صل ركعتين، ثم امض.
فقلت: ما ينبغي أن يكون ما رأيت من عقل هذا الحجام.
فقلت: من أين لك ما أمرتني به؟ فقال: رأيت عطاء بن أبي رباح يفعل هذا. اهـ.
وقد عزا القصة الحطاب في شرح المختصر لابن جماعة.
وقال الحافظ ابن حجر في التلخيص الحبير، تعليقا عليها: وَهِيَ مَشْهُورَةٌ، أَخْرَجَهَا ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي مُثِيرِ الْعَزْمِ السَّاكِنِ بِإِسْنَادِهِ إلَى وَكِيعٍ عَنْهُ. انتهى.
ولم نر من حكم على السند بصحة أو ضعف سوى ما ذكر صاحب العرف الشذي في شرح الترمذي، حيث قال: هذه الحكاية ثبوتها لا يعلم. انتهى.
والله أعلم.