السؤال
ما حكم مقولة: احرق الروح قبل لا تروح، وهي مقولة يقولها المدخنون؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان مراد قائل هذه العبارة أنه يملك روحه، فيفعل فيها ما يشاء، وهو يقول هذا إنكارا على من ينكر عليه شرب الدخان. فهذه المقولة منكرة بلا شك؛ فإنه ليس لأحد أن يتلف روحه أو يحرقها، أو يعرضها لما فيه الأذى، فإن نفس العبد أمانة ائتمنه الله عليها، فعليه أن يتصرف فيها على الوجه المشروع المأذون فيه حتى يتوفاها خالقها، قال تعالى: وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ {البقرة:195}.
قال الشيخ ابن عثيمين: أنت لست حراً في نفسك، لقد قال الله لك: {وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيماً} [النساء:29]، وقتل النفس ليس معناه: الواحد يأخذ سكين ويذبح نفسه، لا، حتى كل شيء يؤدي إلى الضرر فهو من قتل النفس. الدليل: أن عمرو بن العاص بعثه النبي عليه الصلاة والسلام في سرية، وأجنب ذات ليلة، وكانت الليلة باردة، فتيمم وصلى بأصحابه، فلما رجعوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال: (أصليت بأصحابك وأنت جنب؟ قال: يا رسول الله! ذكرت قول الله تعالى: ((وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيماً)) [النساء:29] وكانت الليلة باردة، فتيممت وصليت، فضحك النبي صلى الله عليه وسلم) مقراً أو منكراً؟ مقراً، لو كان منكراً نبهه. انتهى.
فليس لأحد أن يعرض نفسه للضرر، أو يرتكب ما فيه أذية لها، ومن هنا كان التدخين محرما بلا شك؛ لما اشتمل عليه من الضرر العظيم الذي أجمع عليه المختصون.
وأما إن كان مراده التهكم والسخرية، فهذا منكر عظيم كذلك، لما اشتمل عليه من الرضا بتلك المعصية، والإغراء بها والحث عليها، والتهكم بالناهي عن المنكر في شأنها. والواجب على المسلم أن يجتنب نهي الله تعالى ويمتثل أمره، ويطيع الناصح ويشكر له نصحه، لا أن يتهكم به ويسخر منه، فهذه العبارة منكرة على كل تقدير.
والله أعلم.
يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني