السؤال
أسعد الله أوقاتكم بكل خير، ووفقكم الله لما تنفعون به السائلين.
في الحقيقة لقد تعرضت في هذه الدنيا للظلم من بعض الأشخاص، وللسب والشتم من البعض الآخر، وبدون أسباب، ولا حجة لي في ذلك؛ فهذه أقدار، والجميع يتعرض لمثل هذه المشكلات في حياته الدنيوية، ولكن طرأ على بالي سؤال: لو لم أعف عن هؤلاء الأشخاص الذين تعرضوا لي بالسب والشتم والظلم، فسيأتي اليوم الذي سنقف فيه أمام رب العالمين لأخذ حقي منهم، وآخذ من حسناتهم، أو يأخذون من سيئاتي إذا لم يكن لديهم حسنات.
وإن عفوت عنهم ماذا سأستفيد في هذه الحالة، فبصراحة الجميع يعصي ويخطئ، ويتمنى أن تزيد حسناته وتُغفر سيئاتُه، وأنا أريد أن آخذ المزيد من الحسنات، فهذه إحدى الفرص التي تؤخذ بها حسنات.
فلماذا أصفح عنهم؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأنت إذا عفوت عن هؤلاء الذين ظلموك، نلت أجرا أعظم بكثير مما تناله لو لم تعف عنهم، وحسبك قول الله تعالى: فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ {الشورى:40}. فإذا وقع أجرك على الله تعالى، كان ذلك أعظم في مثوبتك من أن تنال من حسنات من ظلموك، وأنت إذا عفوت عنهم، كنت آتيا بخصلة من أحب الخصال إلى الله تعالى، قال تعالى: وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ {الشورى:43}، وقال: وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ {آل عمران:134}.
والنصوص في هذا الباب كثيرة، فهذا عن ثواب الآخرة الذي لا يقادر قدره، وهو أعظم بكثير من مجرد أخذك من حسنات من ظلموك، ناهيك عما يحصل لك في الدنيا من الراحة والطمأنينة، والعز والشرف، ففي صحيح مسلم أنه صلى الله عليه وسلم قال: وما زاد الله عبدا بعفو إلا عزا.
ومن ثم فنصيحتنا لك هي أن تعفو عمن أساء إليك وظلمك؛ فإن ذلك من أعظم أسباب نيل مغفرة الله تعالى، قال جل ذكره: وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ {النور:22}.
ولمزيد الفائدة، تنظر الفتوى رقم: 127825، ورقم: 231148.
وفقك الله لما فيه الخير.
والله أعلم.