السؤال
أنا شاب عشريني، وقد اتخذت مجال التصميم الإشهاري مجال دراسة وعمل، وأنا جديد العهد بشركة تصميم القمصان الرياضية، وأثناء خط العمل جاءني طلب تجاري في خضم مرحلة تصميم قميص لفريق رياضي، والتصميم يحتوي على شعار لمحل خمارة، فتوقفت عن العمل عليه مباشرة، وذهبت لطلب تبديل الطلب التجاري بآخر؛ نظرًا لأنني لا أعلم هل قيامي بترتيب التصميم الذي يحتوي على شعار محل الخمارة، هو خطأ في الشرع لا يجور لي القيام به أم لا، و أظن أنه في المستقبل ربما ستكون هناك طلبات تجارية لضبط مقاسات أقمصة ربما ستحتوي على شعارات شركات خمور عالمية، أو بيع سجائر؛ لذا طلبت اليوم من المسؤول عن فريق العمل علينا تبديل طلبي بطلب آخر، وشرحت له السبب، لكنني لم أتذكر الحديث الشريف عن الملعونين العشرة بسبب الخمر؛ لذا رأيت عدم ذكره أساسًا؛ لأنني لا أعلم هل ضبط شعار محل خمارة أو يحتوي على كلمة خمارة، أو شيء من هذا القبيل يرتبط بالحديث الشريف، فرأيت أنه من الأحوط أن أعمل بقول الله عز وجل في سورة المائدة: "وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ" وحديثي لم يكتمل مع مسؤول الفريق؛ لِذا تأجل الحديث عن الأمر إلى الفرصة القادمة أثناء الدخول إلى المكتب، ولعل سؤالي اتضح، فهل آثم إن قمت بضبط تصميم قميص رياضي سيحتوي على أشياء من هذا القبيل في المستقبل؟ وما حكم ذلك من فضلكم؟ وكي أكون على دراية بما يتوجب عليّ قوله لمسؤول المكتب حول هذا الأمر حتى يعفيني من طلبات تجارية من هذا القبيل في المستقبل، دون التسبب في الخروج من الوظيفة الموكلة إليّ -جزاكم الله خيرًا-.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فجزاك الله خيرًا على حرصك على الحلال، وخشيتك من الحرام، ونسأل الله أن يزيدك حرصًا، وأن يحبّب إليك الإيمان، وأن يزينه في قلبك، وأن يكرّه إليك الكفر والفسوق والعصيان، وأن يجعلك من الراشدين.
وأما ما سألت عنه، فجوابه: أنه لا يجوز تصميم شعارات شركات الخمور والفجور، أو طباعتها على القمصان، أو غيرها؛ لما في ذلك من الترويج لها، والتعاون معها على إثمها وباطلها، وقد قال تعالى: وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ {المائدة:2}.
وقد لعن في الخمر عشرة، قال صلى الله عليه وسلم: لعن الله الخمر، وشاربها، وساقيها، وبائعها، ومبتاعها، وعاصرها، ومعتصرها، وحاملها، والمحمولة إليه، وآكل ثمنها. رواه أبو داود.
فهذا الحديث لم يلعن الشارب فقط، ولكن لعن من يعينونه على ذلك، وهكذا في الربا، فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم- كما في صحيح مسلم- أنه: لعن آكل الربا، وموكله، وكاتبه، وشاهديه، وقال: هم سواء. فكاتب الربا، ومن شهد عليه، لم يأكلوه، لكنهم أعانوا آكله، فشملتهما اللعنة -عياذًا بالله-.
ومن ثم؛ فلا يجوز لك تنفيذ طلبات التصميم الإشهاري التي تشتمل على الترويج للخمور، أو الربا، أو القمار، أو الفجور، ونحو ذلك مما هو محرم شرعًا، وليقتصر عملك على المباح؛ ليطيب لك ما تكسبه، ولئلا تكون عونًا للآثمين على إثمهم وباطلهم.
فبين ذلك لمدير العمل، وأن سبب الامتناع هو حرمة عمل ذلك في دينك، ومن ترك شيئًا مخافة الله تعالى، عوضه الله خيرًا منه، وأن الله تعالى جاعل له فرجًا ومخرجًا، فإنه يقول سبحانه: وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ {الطلاق: 2-3}.
والله أعلم.