السؤال
سئل الباحث دبيان الدبيان عمن تراكمت عليه صلوات كثيرة لعذر، فأجاب: "سقوط القضاء بالتكرار مقيس ومخرج على بعض المسائل، فالحائض تتمتع بأهلية كاملة للعبادة؛ بدليل وجوب قضاء الصيام، وقد أسقط عنها الشارع قضاء الصلاة للتكرار". فهل القول بسقوط القضاء على من فاتته صلوات كثيرة، مع وجوب القضاء إذا كانت قليلة، سواء بعذر أم لا، قول مخالف للإجماع؟ وهل هو إحداث قول ثالث؟
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله، وصحبه، ومن والاه، أما بعد:
فلا يصح إطلاق القول بسقوط القضاء على من ترك صلوات كثيرة لعذر - وأحرى لغير عذر - لأن من الأعذار ما لا يسقط معه القضاء اتفاقًا؛ كالنوم، والنسيان، ولو كانت الصلوات الفوائت كثيرة، فالنائم، والناسي لا يسقط عنهما القضاء اتفاقًا، ولو كثرت الصلوات الفوائت، قال الزروق في شرحه عند قول صاحب الرسالة: ومن عليه صلوات كثيرة صلاها. قال: سواء كان تركها عن نسيان، أو غفلة، أو ذهول، أو نوم، أو عمد؛ لأن قضاء الكل واجب بإجماع، إلا الأخير فعن الجمهور ...اهـ.
وقال بدر الدين العيني الحنفي في شرح البخاري: الْأَمر بِقَضَاء النَّاسِي من غير إِثْم، وَكَذَلِكَ النَّائِم، سَوَاء كثرت الصَّلَاة أَو قلت، وَهَذَا مَذْهَب الْعلمَاء كَافَّةً، وشذ بَعضهم فِيمَن زَاد على خمس صلوَات بِأَنَّهُ لَا يلْزمه قَضَاء، حَكَاهُ الْقُرْطُبِيّ، وَلَا يعْتد بِهِ ... اهـ.
فأنت ترى أن عذر النوم، والنسيان، والذهول، والغفلة، لا يسقط الصلوات الكثيرة عند كافة أهل العلم، فمن قال بسقوط القضاء فيها بحجة مشقة التكرار؛ قياسًا على الحائض والنفساء، فقد خالفهم، وإنما اختلف الفقهاء في وجوب الترتيب في القضاء إذا كثرت الفوائت، وأما أصل القضاء، فلم يختلفوا فيه.
والله تعالى أعلم.