السؤال
عندي سؤال وهو أني كنت أتصفح أحد المواقع، ووجدت إعلان بيع بيت، يطلب صاحبه مبلغا خياليا، واستفزني هذا، وأخذت رقمه وكلمته وسألته: إذ كان بيتك بهذا المبلغ، إيجار الفيلا بكم؟ (طبعا أنا أستهزئ به).
غضب، ودعا علي بأن ينتقم الله مني، ويجعل حياتي كلها شقاء، وأن يحترق قلبي على أعز شخص لي، وبعد ذلك حظرني.
فهل ظلمني، أو ظلمته؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
فكلاكما ظالم للآخر، فأنت ظلمته حين استهزأت به، والاستهزاء بالآخرين منهي عنه شرعا؛ لقول الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ {الحجرات: 11}.
قال ابن كثير: يَنْهَى تَعَالَى عَنِ السُّخْرِيَةِ بِالنَّاسِ، وَهُوَ احْتِقَارُهُمْ وَالِاسْتِهْزَاءُ بِهِمْ، .. اهـ.
كما دل القرآن على أن الاستهزاء يعتبر من أفعال الجاهلين، فقد قيل لموسى عليه السلام: ... أَتَتَّخِذُنَا هُزُوًا قَالَ أَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ {سورة البقرة: 67}
وكونه عرض بيته للبيع بمبلغ كبير، هذا لا يبيح لك أن تستهزئ به، ولا أن تؤذيه بالقول، فاستغفر الله تعالى.
وقد ظلمك هو أيضا حين دعا عليك بما ذكرت، فاستهزاؤك به لا يبيح له كل ذلك الدعاء، ودعاء المظلوم على من ظلمه إنما يجوز بقدر المظلمة.
قال القرافي: وَحَيْثُ قُلْنَا بِجَوَازِ الدُّعَاءِ عَلَى الظَّالِمِ، فَلَا تَدْعُو عَلَيْهِ بِمُؤْلِمَةٍ مِنْ أَنْكَادِ الدُّنْيَا لَمْ تَقْتَضِهَا جِنَايَتُهُ عَلَيْك، بِأَنْ يَجْنِيَ عَلَيْك جِنَايَةً فَتَدْعُوَ عَلَيْهِ بِأَعْظَمَ مِنْهَا، فَتَكُونَ جَانِيًا عَلَيْهِ بِالْمِقْدَارِ الزَّائِدِ، وَاَللَّهُ تَعَالَى يَقُولُ: { فَمَنْ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ }. اهـ.
والله تعالى أعلم.