السؤال
أنا متزوجة، وزوجي عصبي، ويسبني بأبشع الألفاظ، وينعتني بصفات يندى لها الجبين، وابنتي كبرت، وأصبحت تفهم، وهذا يؤلمني، مع أني -والله شاهد- أحترمه في حضوره وغيابه، ولا أخرج بدونه، وقد طلقني مرتين طلاقًا صريحًا بقوله: أنت طالق، ومرة كان في بيت أبي، وهو في عراك معهم، قال: ابنتكم طالق، لكنه أنكر ذلك، وقال: لم أقل ذلك، لكن أهلي أكدوا أنه قالها، ومرة بعث لي رسالة إلكترونية، وقال: أنت طالق، فما حكم هذا كله؟ مع أنه يضربني، وبمجرد حدوث أي مشكلة صغيرة يرفع سماعة الهاتف، ويتصل بأهلي ولو في منتصف الليل، وقد مللت وتعبت من ضربه لي، وشتمه لي، فساعدوني من فضلكم.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإذا اختلف الزوجان في الطلاق، فالقول قول الزوج، ففي مسائل الإمام أحمد بن حنبل، رواية صالح: وسألته عن امرأة ادعت أن زوجها طلقها، وليس لها بينة، وزوجها ينكر ذلك؟ قال أبي: القول قول الزوج، إلا أن تكون لا تشك في طلاقه، قد سمعته طلقها ثلاثًا؛ فإنه لا يسعها المقام معه، وتهرب منه، وتفتدي بمالها. اهـ.
فإن كان زوجك طلقك طلقتين صريحتين، ثم أخبرك رجلان عدلان من أهلك بأنّه طلقك الثالثة، ففي هذه الحال، لا يجوز لك البقاء معه، وتمكينه من نفسك، وعليك أن تفتدي منه.
أمّا إذا أخبرك دون العدلين، كما لو أخبرك نساء، أو رجل واحد ونساء، فليس لك الامتناع من زوجك، جاء في البحر الرائق شرح كنز الدقائق: لو شهد عندها رجلان أنه طلقها، ليس لها أن تمكن من نفسها، وإن أخبرها واحد ليس لها الامتناع. اهـ.
وقال ابن قدامة -رحمه الله-: إذا ادعت المرأة أن زوجها طلقها، فأنكرها، فالقول قوله؛ لأن الأصل بقاء النكاح، وعدم الطلاق، إلا أن يكون لها بما ادعته بينة، ولا يقبل فيه إلا عدلان، ونقل ابن منصور عن أحمد أنه سئل: أتجوز شهادة رجل وامرأتين في الطلاق؟ قال: لا، والله.
وأمّا الرسالة التي كتب فيها: "أنت طالق"، فإن كان نوى بها الطلاق، فقد وقع، وإن كان لم ينو الطلاق، ففي وقوع الطلاق بها خلاف بين أهل العلم، سبق بيانه في الفتوى رقم: 167795.
وإذا كان زوجك يسيء معاملتك بالسب، والشتم، والضرب المبرّح، أو الضرب بغير حق، فلك رفع أمره إلى القاضي، والتطليق عليه إذا أبى الطلاق، قال الدردير-رحمه الله-: ولها: أي: للزوجة، التطليق على الزوج بالضرر، وهو ما لا يجوز شرعًا، كهجرها بلا موجب شرعي، وضربها كذلك، وسبها، وسب أبيها ...
وعليه؛ فالذي ننصح به أن تعرضي الأمر على المحكمة الشرعية -إن وجدت-، وإلا فعلى أهل العلم الموثوق بعلمهم، ودينهم، الذين يمكنك مشافهتهم.
والله أعلم.