السؤال
ما السر في اختيار كلمتي "كرها، و وهنا" في سورتي لقمان والأحقاف؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فكلا الآيتين تبينان حالتين مختلفتين من حالات الأم عند حملها لجنينها، ولذا عبر سبحانه عن كل حالة باللفظ الذي يناسبها.
فقوله تعالى في سورة لقمان: حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْناً عَلَى وَهْنٍ [لقمان: 14].
قال ابن جرير: يقول: ضعفًا على ضعف. اهـ.
وقال القرطبي أَيْ حَمَلَتْهُ فِي بَطْنِهَا وَهِيَ تَزْدَادُ كُلَّ يَوْمٍ ضَعْفًا عَلَى ضَعْفٍ. وَقِيلَ: الْمَرْأَةُ ضَعِيفَةُ الْخِلْقَةِ ثُمَّ يُضْعِفُهَا الْحَمْلُ. اهـ.
وقال صاحب التحرير والتنوير: وَانْتَصَبَ وَهْناً عَلَى الْحَالِ مِنْ أُمُّهُ مُبَالَغَةً فِي ضَعْفِهَا حَتَّى كَأَنَّهَا نَفْسُ الْوَهْنِ وعَلى وَهْنٍ صِفَةٌ لِ وَهْناً أَيْ وَهْنًا وَاقِعًا عَلَى وَهْنٍ... فَإِنَّ حَمْلَ الْمَرْأَةِ يُقَارِنُهُ التَّعَبُ مَنْ ثِقَلِ الْجَنِينِ فِي الْبَطْنِ، وَالضُّعْفُ مِنِ انْعِكَاسِ دَمِّهَا إِلَى تَغْذِيَةِ الْجَنِينِ، وَلَا يَزَالُ ذَلِكَ الضَّعْفُ يَتَزَايَدُ بِامْتِدَادِ زَمَنِ الْحَمْلِ فَلَا جَرَمَ أَنَّهُ وَهْنٌ عَلَى وَهْنٍ. اهـ.
أما قوله تعالى: حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهاً وَوَضَعَتْهُ كُرْها [الاحقاف: 15].فقد قال صاحب التحرير والتنوير: وَالْمَعْنَى: أَنَّهَا حَمَلَتْهُ فِي بَطْنِهَا مُتْعَبَةً مِنْ حَمْلِهِ تَعَبًا يَجْعَلُهَا كَارِهَةً لِأَحْوَالِ ذَلِكَ الْحَمْلِ. وَوَضَعَتْهُ بِأَوْجَاعٍ وَآلَامٍ جَعَلَتْهَا كَارِهَةً لِوَضْعِهِ. اهـ.
ومن هذا تعلم أن كلا من كلمة "وهناً" وكلمة "كرهاً" تدل على ما لا تدل عليه الأخرى.
والله أعلم.
يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني