السؤال
بالنسبة للآية 32 من سورة المائدة: مِنْ أَجْلِ ذَٰلِكَ كَتَبْنَا عَلَىٰ بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا ۚ وَلَقَدْ جَاءَتْهُمْ رُسُلُنَا بِالْبَيِّنَاتِ ثُمَّ إِنَّ كَثِيرًا مِّنْهُم بَعْدَ ذَٰلِكَ فِي الْأَرْضِ لَمُسْرِفُونَ (32).
هل المقصود بالنفس هنا، النفس البشرية فقط، أم أي نفس من مخلوقات الله سبحاته وتعالى؟
السؤال الثاني .....
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنقول ابتداء: قد بينا في خانة إدخال الأسئلة، أنه لا يسمح إلا بإرسال سؤال واحد فقط في المساحة المعدة لذلك، وأن الرسالة التي تحوي أكثر من سؤال، سيتم الإجابة على السؤال الأول منها وإهمال بقية الأسئلة، وبما أن الأخ السائل أدخل عددة أسئلة؛ فإننا سنجيب على السؤال الأول فقط، وهو: هل المقصود بالنفس هنا النفس البشرية فقط، أم أي نفس من مخلوقات الله سبحانه وتعالى؟
وجوابه: أن السياق في قصة ابني آدم من سورة المائدة -وفيها الآية المذكورة في السؤال، وهي قوله تعالى: أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا {المائدة:32}- يدل على أن المقصود بالنفس هنا النفس البشرية فقط، أي قتل نفساً بريئة، بغير أن تكون تلك النفس قامت بقتل تستحق به القصاص، وبغير أن تكون تلك النفس المقتولة أفسدت في الأرض، فهي بريئة، فقاتلها بغياً وعدواناً كأنما قتل الناس جميعاً، وإحياؤها كإحياء الناس جميعاً. فقوله تعالى : بغير نفس . وقوله: ومن أحياها - والإحياء هنا المقصود به التسبب لبقاء حياتها بعفو، أو منع عن القتل، أو استنقاذ من بعض أسباب الهلكة- يدل على أن المراد النفس البشرية؛ لأنها التي يتأتى منها ذلك.
قال الإمام ابن الجوزي في زاد المسير في علم التفسير: وفي معنى قوله تعالى: (فَكَأَنَّما قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً) خمسة أقوال:
أحدها: أن عليه إِثم من قتل الناس جميعاً، قاله الحسن، والزجاج.
والثاني: أنه يصلى النار بقتل المسلم، كما لو قتل الناس جميعاً، قاله مجاهد، وعطاء. وقال ابن قتيبة: يُعذَّبُ كما يُعذَّب قاتل النَّاسِ جميعاً.
والثالث: أنه يجب عليه من القصاص، مثل ما لو قتل الناس جميعاً، قاله ابن زيد.
والرابع: أن معنى الكلام: ينبغي لجميع الناس أن يُعينوا ولي المقتول حتى يُقيدوه منه، كما لو قتل أولياءَهم جميعاً، ذكره القاضي أبو يعلى.
والخامس: أن المعنى: من قتل نبياً أو إِماماً عادلاً، فكأنما قتل الناس جميعاً، رواه عكرمة عن ابن عباس. انتهى.
وانظر الفتوى رقم: 76652.
والله أعلم.