السؤال
زميلتي في العمل تغار مني، وتحسدني، فهي تتوسط جماعات في المكتب من أجل التكلم عني، أكاد أُجَنُّ من هذا العمل، مما أثر عليَّ في البيت والمكتب. أدعو ربي يهديها، وتكف عن ذلك.
زميلتي في العمل تغار مني، وتحسدني، فهي تتوسط جماعات في المكتب من أجل التكلم عني، أكاد أُجَنُّ من هذا العمل، مما أثر عليَّ في البيت والمكتب. أدعو ربي يهديها، وتكف عن ذلك.
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فوجود الغيرة بين الزملاء في العمل من الأمور التي تحدث كثيرا، وينبغي مواجهة ذلك بحكمة وصبر، فعاقبة الصبر خير بإذن الله، وراجعي الفتوى رقم: 18103. وقد أحسنت بدعائك لها أن يرزقها ربها الهداية والرشد والصواب، ونرجو أن يتحقق ذلك، فالدعاء من أسلحة المسلم العظيمة التي لا ينبغي له ن يغفل عنها، وربنا أمرنا بالدعاء، ووعدنا بالإجابة فقال: وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ {غافر:60}، فهذان أمران مهمان، نعني الصبر والدعاء.
وهنالك أمر ثالث، وهو الإحسان، فقد تملك به القلوب، وتدفع به الضغائن، فتنقلب العداوة إلى صداقة، والبغضاء إلى مودة، كما قال تعالى: وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ {فصلت:34}.
قال ابن كثير: وقوله: ولا تستوي الحسنة ولا السيئة؛ أي: فرق عظيم بين هذه وهذه، ادفع بالتي هي أحسن؛ أي: من أساء إليك، فادفعه عنك بالإحسان إليه، كما قال عمر رضي الله عنه: ما عاقبتَ من عصى الله فيك، بمثل أن تطيع الله فيه. وقوله: فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم؛ وهو الصديق، أي: إذا أحسنت إلى من أساء إليك، قادته تلك الحسنة إليه إلى مصافاتك ومحبتك، والحنو عليك، حتى يصير كأنه ولي لك حميم؛ أي: قريب إليك من الشفقة عليك، والإحسان إليك. اهـ.
الأمر الرابع: أن لا تظهري ما قد يكون سببا في استثارتها ودفعها للغيرة أو الحسد، قال تعالى عن يعقوب عليه السلام يخاطب أبناءه: وَقَالَ يَابَنِيَّ لَا تَدْخُلُوا مِنْ بَابٍ وَاحِدٍ وَادْخُلُوا مِنْ أَبْوَابٍ مُتَفَرِّقَةٍ وَمَا أُغْنِي عَنْكُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَعَلَيْهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ {يوسف:67}، قال السعدي: ذلك أنه خاف عليهم العين، لكثرتهم وبهاء منظرهم، لكونهم أبناء رجل واحد... اهـ.
وقال ابن القيم: فصل: ومن علاج ذلك -العين- أيضا والاحتراز منه ستر محاسن من يخاف عليه العين بما يردها، كما ذكر البغوي في كتاب شرح السنة: أن عثمان رضي الله عنه رأى صبيا مليحا فقال: دسموا نونته لئلا تصيبه العين، ثم قال في تفسيره: ومعنى دسموا نونته: أي: سودوا نونته، والنونة: النقرة التي تكون في ذقن الصبي الصغير، ومن هذا أخذ الشاعر قوله: ما كان أحوج ذا الكمال عيب يوقيه من العين. اهـ.
الأمر الخامس: من خاف شر أحد، فليسأل الله أن يحميه منه، كما هو الهدي النبوي، روى أحمد وأبو داود عن أبي موسى رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم: كان إذا خاف من رجل أو من قوم قال: اللهم إني أجعلك في نحورهم، ونعوذ بك من شرورهم.
والله أعلم.
يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني