السؤال
كنت أسير بسيارتي فإذا بامرأة متبرجة تقود سيارتها، تصرخ في وجهي أن تحرك -ومن الواضح أنها كانت مستعجلة، أو أنني كنت أسير ببطء- وقالت: ما هذا الذي تفعله؟ قلت لها رافعًا صوتي: (لا تصرخي)، ورفعت صوتي عاليًا، ولا أدري ما قلت من شدة غضبي، وقلت لها: "غوري في داهية"، وهي لا تزال تصرخ في وجهي، فقالت لي: "داهية تشيلك"، وما شعرت بنفسي إلا وقد شتمتها وأمّها بأقذع الألفاظ، غير واع، وانصرفت، مع أني لا أشتم عادة نهائيًّا، وملتزم، وأنا أشعر بالندم، فهل لي من كفارة؟ وسبب غضبي الشديد هو أنها امرأة، وبدأت الصراخ في وجهي أمام الناس، وبعض النساء عندنا في بلدنا بدأن شعرن أنهن أفضل من الرجال، وأنهن يستطعن قيادة الرجال، وهكذا.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فالواجب عليك التوبة إلى الله تعالى مما وقعت فيه من الاعتداء في الشتم، وما دمت لا تعرف تلك المرأة، فتكفيك التوبة فيما بينك وبين الله، والتوبة تكون بالإقلاع عن الذنب، والندم على فعله، والعزم على عدم العود إليه، ولا تلزمك كفارة غير التوبة، وهي مقبولة بإذن الله، قال ابن تيمية -رحمه الله-: ومن ظلم إنسانًا فقذفه، أو اغتابه، أو شتمه ثم تاب قبل الله توبته، لكن إن عرف المظلوم، مكنّه من أخذ حقه. اهـ.
وننصحك أن تجاهد نفسك، وتضبطها؛ حتى تملكها عند الغضب، فإنّ الاندفاع والاسترسال مع الغضب، مفتاح الشر، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- أَنَّ رَجُلًا قَالَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَوْصِنِي، قَالَ: لَا تَغْضَبْ. فَرَدَّدَ مِرَارًا قَالَ: لَا تَغْضَبْ. رواه البخاري. قال ابن رجب: فهذا يدل على أن الغضب جماع الشر، وأن التحرّز منه جماع الخير. اهـ.
والله أعلم.