السؤال
قال الغزالي في الإحياء: "إن منشأ الندم هو العلم"، فما هو العلم الذي يثمر الندم بالتفصيل؟ لأن بقية أركان التوبة ناشئة عنه، قال ابن حجر: "يَكْفِي فِي التَّوْبَةِ تَحَقُّقُ النَّدَمِ؛ فَإِنَّهُ يَسْتَلْزِمُ الْإِقْلَاعَ عَن الذنوب، وَالْعَزْمِ عَلَى عَدَمِ الْعَوْدِ؛ فَهُمَا نَاشِئَانِ عَنِ النَّدَمِ، لَا أَصْلَانِ مَعَهُ"، انظر: "فتح الباري" (13/ 471).
وقال القاري -رحمه الله-: "(النَّدَمُ تَوْبَةٌ)؛ إِذْ يَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا بَقِيَّةُ الْأَرْكَانِ مِنَ الْقَلْعِ، وَالْعَزْمِ عَلَى عَدَمِ الْعَوْدِ، وَتَدَارُكِ الْحُقُوقِ مَا أَمْكَن.
"وكثيرًا ما يطلق اسم التوبة على معنى الندم وحده، ويجعل العلم كالسابق والمقدمة، والترك كالثمرة والتابع المتأخر، وبهذا الاعتبار قال عليه الصلاة والسلام: (الندم توبة)؛ إذ لا يخلو الندم عن علم أوجبه وأثمره، وعن عزم يتبعه ويتلوه، فيكون الندم محفوفًا بطرفيه، أعني ثمرته، ومُثْمِره". انتهى.
فوصف الترك بثمرة الندم، ووصف الندم بثمرة العلم.
وما معنى التالي من كلام الغزالي: "كونها حجابًا بين العبد وبين كل محبوب؛ فإذا عرف ذلك معرفة محققة، بيقين غالب على قلبه؛ ثار من هذه المعرفة تألم للقلب بسبب فوات المحبوب، فإن القلب مهما شعر بفوات محبوبه، تألَّم، فإن كان فواته بفعله، تأسف على الفعل المُفَوِّت، فيسمى تألمه بسبب فعله المفوت لمحبوبه ندمًا".