السؤال
عندي محل تجاري، وعندي ٣ أولاد يعملون معي، ورأس المال مني، وشعرت أن أحد أولادي يأخذ من غلة الدكان حقه وزيادة عن حقه، فأعطيته زيادة عن حقه، وأوقفته عن العمل، وبعد ذلك اعتقل ابني المذكور، وشفقة عليه أصبحت أضع له من دخل المحل من حق أخويه وحقي مبلغًا سنويًّا؛ على أمل خروجه من السجن، وبعد عدة سنوات تبين أنه استشهد في السجن، فأنفقت ثلث المبلغ المذكور صدقة عنه، فهل أعيد باقي المبلغ لأخويه الاثنين ولي؟ علما أن والدته وأخواته أحياء، وهو ليس له حق في المبلغ الذي وفرت له، ولكنه كن لئلا يحتاج لأحد إذا خرج من السجن. وجزاكم الله خيرًا.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله، وصحبه، ومن والاه، أما بعد:
فالمبلغ الذي كنت تضعه جانبًا، وتحتفظ به لابنك المسجون، يعتبر هبة منك له، والهبة تتم وتلزم بالقبض.
وما دام أنه قد توفي قبل قبضه، فالهبة لم تتم إذن، وعليه؛ فالمبلغ لا يزال ملكًا لك، تنفقه فيما تريد، سواء في التصدق به عنه، أم غير ذلك، لكن ما وفرته له من دخل أخويه العاملين معك في المحل، يجب عليك رده لهما، إلا أن يسمحا.
وليس من حق الاب أن يأخذ شيئًا من أموال ولده، إلا إن احتاج فله أن يأخذ، وحتى من أجاز من الفقهاء أن تأخذ من أموال أولادك ولو لغير حاجة، فإنهم لا يجيزون أن تأخذها وتدفعها لولدك الآخر، جاء في الموسوعة الفقهية: ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ إِلَى أَنَّ الْوَالِدَ لاَ يَأْخُذُ مِنْ مَال وَلَدِهِ شَيْئًا، إِلاَّ إِذَا احْتَاجَ إِلَيْهِ...
وَذَهَبَ الْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّ لِلأْبِ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ مَال وَلَدِهِ مَا شَاءَ، وَيَتَمَلَّكُهُ، مَعَ حَاجَةِ الأْبِ إِلَى مَا يَأْخُذُهُ، وَمَعَ عَدَمِهَا، صَغِيرًا كَانَ الْوَلَدُ أَوْ كَبِيرًا، بِشَرْطَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنْ لاَ يُجْحِفَ بِالاِبْنِ، وَلاَ يَضُرَّ بِهِ، وَلاَ يَأْخُذَ شَيْئًا تَعَلَّقَتْ بِهِ حَاجَتُهُ.
الثَّانِي: أَنْ لاَ يَأْخُذَ مِنْ مَال وَلَدِهِ، فَيُعْطِيهِ وَلَدَهُ الآْخَرَ. اهـ.
والله تعالى أعلم.