السؤال
إذا كانت (ال) في قوله تعالى: الحمد لله رب العالمين، تفيد الاستغراق. وإذا كان المعنى أنّ "كل المحامد هي لله دون غيره من الخلائق"
فإذا حمِدْتُ غير الله في خصلة من الخصال. هل أكون قد صرفت أمرا خاصا بالله تعالى، إلى غيره؟
أرجو التوضيح.
إذا كانت (ال) في قوله تعالى: الحمد لله رب العالمين، تفيد الاستغراق. وإذا كان المعنى أنّ "كل المحامد هي لله دون غيره من الخلائق"
فإذا حمِدْتُ غير الله في خصلة من الخصال. هل أكون قد صرفت أمرا خاصا بالله تعالى، إلى غيره؟
أرجو التوضيح.
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن التعريف في: الْحَمْدُ لِلَّهِ {الفاتحة:2}، قيل إنه للاستغراق, وقيل يفيد الماهية. وعلى أنه للا ستغراق, فإن من حمد غير الله تعالى، لا يعتبر قد صرف أمرا خاصا بالله تعالى لغيره.
يقول الرازي في تفسيره:
الفائدة الخامسة: الحمد لفظة مفردة، دخل عليها حرف التعريف، وفيه قولان:
الأول: أنه إن كان مسبوقا بمعهود سابق انصرف إليه، وإلاّ يحمل على الاستغراق؛ صونا للكلام عن الإجمال.
والقول الثاني: أنه لا يفيد العموم، إلا أنه يفيد الماهية والحقيقة فقط.
إذا عرفت هذه، فنقول: قوله: الحمد لله، إن قلنا بالقول الأول: أفاد أن كل ما كان حمدا وثناء، فهو لله وحقه وملكه، وحينئذ يلزم أن يقال: إن ما سوى الله، فإنه لا يستحق الحمد والثناء البتة، وإن قلنا بالقول الثاني: كان معناه أن ماهية الحمد حق الله تعالى وملك له، وذلك ينفي كون فرد من أفراد هذه الماهية لغير الله، فثبت على القولين أن قوله الحمد لله، ينفي حصول الحمد لغير الله. فإن قيل: أليس أن المنعم يستحق الحمد من المنعم عليه، والأستاذ يستحق الحمد من التلميذ، والسلطان العادل يستحق الحمد من الرعية، وقال عليه السلام: من لم يحمد الناس لم يحمد الله.
قلنا: إن كل من أنعم على غيره بإنعام، فالمنعم في الحقيقة هو الله تعالى؛ لأنه لولا أنه تعالى خلق تلك الداعية في قلب ذلك المنعم، وإلا لم يقدم على ذلك الإنعام، ولولا أنه تعالى خلق تلك النعمة وسلط ذلك المنعم عليها، ومكن المنعم عليه من الانتفاع لما حصل الانتفاع بتلك النعمة، فثبت أن المنعم في الحقيقة هو الله تعالى. انتهى.
وفي شرح الرسالة التدمرية للشيخ عبد الرحمن البرّاك: و"أل" في "الحمد لله" للاستغراق، و"أل" تأتي لمعان كثيرة: للعهد الذهني، والحضوري، وتأتي للجنس. والتي تأتي للجنس، وتارة تأتي للدلالة على الحقيقة، وتارة تأتي للاستغراق، والمراد بها هنا الاستغراق، فيكون معنى: "الحمد لله" أي كل الحمد لله تعالى، والذي يستحق الحمد كله، والثناء كله، والتمجيد كله هو المتصف بجميع صفات الكمال. إذن فإثبات الحمد كله لله تعالى، يدل على أنه هو المتصف بجميع صفات الكمال، وليس هذا إلا لله تعالى وحده، والمخلوق قد يُحمد، ولكن يحمد على ما عنده من المحامد، وما عنده من المحامد ليس أصيلاً فيه، بل هو موهوب له، وفضل من الله سبحانه وتعالى، فهو الذي يكرم من يشاء، بما شاء من المحامد والفضائل. انتهى.
والله أعلم.
يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني