السؤال
وهبني أبي عطية عقار في حياته في صغري، بقصد التسوية بيني وبين إخواني في الهبة، وأشهد على ذلك، أنه أعطاني مقابل ما أعطى إخوتي. ومات وأنا لا زلت لم أقبضها لصغر سني. ولم تعلم أمي بذلك إلا بعد وفاته؛ لأنها مطلقة، فقبضتها فور علمها من تلقاء نفسها، وحافظت عليها وسلمتني إياها في كبري.
جميع الخدمات مدخلة فيها باسمي، وبتاريخ قديم في حياة والدي وهو من سجلها، وبدون هذه العطية لا تتحقق العدالة بين عطايا والدي رحمه الله.
أسئلتي: هل يحق لوالدي القبض عني في صغري، حتى لو لم يصرح، غير أنه أعطاني مقابل عطايا؟
هل مثل هذه العطية لا تقبض إلا بإذن الورثة، علما باستحالة قبضي لها في صغري. وقد سمعت أن الفقهاء أجمعوا على جواز قبض الوالد عن ابنه الصغير، قبضه لعطيته من نفسه، ويكفي أن يشهد عليها فقط. هذه العطية أسكن فيها منذ عشر سنوات، وأخشى ضياعها مني.
أرجو تفريج همي، فرج الله همكم.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما دام الوالد قد توفي وأنت لا زلت صغيرا، فقبضه لك من نفسه صحيح معتبر، فإن الوالد يحوز الهبة ويقبضها لابنه ما دام صغيرا.
قال ابن القطان في الإقناع في مسائل الإجماع: أجمع كل من يحفظ عنه من أهل العلم، على أن الرجل إذا وهب لولده الطفل دارًا بعينها، أو عبدًا بعينه، وقبضه له من نفسه، وأشهد عليه، أن الهبة تامة. اهـ.
وانظر الفتويين: 106100، 49539.
ويتأكد هذا بأن والدك قد سجل جميع خدمات العقار باسمك في حياته. وبأن العدل بينك وبين إخوتك في عطايا أبيكم، لا يتحقق إلا بهبتك هذا العقار -كما ذكرت- حتى إن بعض أهل العلم الذين يرجحون وجوب العدل في الهبة للأولاد، ينصون على بطلان ما لم يتحقق فيه العدل من الهبات للأولاد، وأنه يجب رده إلى التركة بعد موت الوالد الواهب.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: يجب عليه أن يرد ذلك في حياته، كما أمر النبي صلى الله عليه وسلم. وإن مات ولم يرده، رد بعد موته على أصح القولين أيضاً، طاعة لله ولرسوله، ولا يحل للذي فضل أن يأخذ الفضل؛ بل عليه أن يقاسم إخوته في جميع المال بالعدل الذي أمر الله به. اهـ.
وراجع في ذلك الفتوى: 107734.
والله أعلم.