السؤال
أنا شاب أبلغ من العمر 35 عاما، ارتبطت بفتاة مستوى تعليمها جيد جدا، وهذا ما كنت أبحث عنه، علما بأنها أول خطبة لي.
خطيبتي كانت مخطوبة 3 مرات قبل أن أقوم بخطبتها، مع ذلك لم أمانع من أن أخطبها، لكن بعد حوالي شهر من خطبتنا كانت قد أحضرت لي هدية، وكانت تجلس معي بالسيارة، وقامت فجأة بتقبيلي، فلم أتمالك نفسي فتماديت معها بالتقبيل، علما بأنني لم أقم بتقبيل أو لمس أي أنثى من قبل. وتقابلنا بعدها عدة مرات، في كل مرة نقبل بعضنا، وتطور الأمر بيننا وقمنا بالذهاب إلى بيتي 4 مرات، اختلينا ببعضنا، وحدثت بيننا علاقة دون الايلاج.
ملحوظة: لم أكن لأتجرأ على أن أفعل هذا، لولا أنها أخذت الخطوة الأولى وهي تقبيلي.
أنا الآن في حيرة من أمري: هل قامت بأفعال مثل تلك التي حدثت معي، مع من سبقوني من خطاب.
وهل أتركها وأفسخ الخطبة؟ ولكني أخاف أن أكون ظالما لها؛ لأنها بررت فعلها معي بأنها تحبني.
هل أتزوجها حتى لا أكون قد خدعتها، مع العلم أنها ما زالت عذراء كما قالت، أو كما تدعي؛ لأننا لم نصل لمرحلة الإيلاج أبدأ.
ضميري يؤنبني جدا على ما فعلنا، وأريد أن أتزوجها بسبب هذا الموضوع، لكنني أخاف من أن أشك فيها فيما بعد.
أرجو أن تفتوني في أمري ماذا أفعل؟ لأنني أشعر بضيق، ولا أعرف ماذا أفعل: هل أتزوجها، أم أبتعد عنها، وأقوم بفسخ الخطبة؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما قمت به من تحري المستوى الدراسي لهذه الفتاة، أمر حسن، ولكن أهم منه أمر الدين، روى البخاري ومسلم عن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: تنكح المرأة لأربع: لمالها، ولحسبها، وجمالها، ولدينها؛ فاظفر بذات الدين، تربت يداك.
قال الإمام المناوي في فيض القدير: قال القاضي: عادة الناس أن يرغبوا في النساء، ويختاروها لإحدى أربع خصال عدها. واللائق بذوي المروءات وأرباب الديانات، أن يكون الدين مطمح نظرهم فيما يأتون ويذرون، سيما فيما يدوم أمره ويعظم خطره، فلذلك حث المصطفى صلى الله عليه وسلم بآكد وجه وأبلغه، فأمره بالظفر بذات الدين الذي هو غاية البغية، ومنتهى الاختيار، والطلب الدال على تضمن المطلوب؛ لنعمة عظيمة وفائدة جليلة. اهـ.
والتساهل في التعامل بين الخاطبين مدخل من مداخل الشيطان، وهذا ما كان منكما، فأوقعكما بسببه في مصيدته، وقد حذر الله تعالى من شره فقال: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ..... {النور:21}.
فما كان لك التساهل معها والخلوة بها، روى أحمد والترمذي عن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ألا لا يخلون رجل بامرأة، إلا كان ثالثهما الشيطان.
أما وقد حدث ما حدث، فالواجب عليكما التوبة، وأن تقطع كل علاقة لك بها؛ فهي أجنبية عنك، حتى يعقد لك عليها العقد الشرعي، وانظر الفتوى: 343282.
ونحن لا ندعوك للتعجل لفسخ الخطوبة، ولكن انظر في أمرها: فإن غلب على الظن أن ما فعلته معك زلة منها، تابت وندمت على فعلها، فلا بأس بالزواج منها، واجتنب كل شكوك لا تستند على بينة؛ فالأصل السلامة حتى يتبين خلافها.
وإن تبين أنها غير مرضية في دينها، فالأولى فسخ الخطبة، فذلك أهون من أن يتم الزواج، ويكون بعده الخصومة والفراق. وفسخ الخطبة جائز للطرفين معا، وخاصة إن دعت إليه حاجة؛ لأنها مجرد مواعدة، فليس في مجرد فسخها ظلم. وراجع الفتوى: 18857.
والله أعلم.