السؤال
أنا متزوج، تعرفت على مطلقة من بلد يمنع التعدد، وهي مسلمة. وقررنا الزواج حسب رغبتها من دون ولي؛ لأن أبا حنيفة -رحمه الله- يجيز ذلك، لكن عندما وصلنا إلى الشهود خفنا من الإبلاغ عنا، وأن نذهب إلى السجن ربما. فعقدنا على انفراد، قلت لها: زوجيني نفسك؟ فردت: زوجتك نفسي. وعندها قلت لها: لا بد أن نأتي بالشهود مرة أخرى، وأعطيتها مهرها، ووقع الدخول. للعلم أنا أرغب في الزواج؛ لأن زوجتي تعاني من مشاكل صحية، تجعلها لا تلبي رغبتي بكفاية.
وبعد الدخول سرنا مع بعض في الشارع تشد ذراعي، ودخلنا المطعم والمقهى معا، أكلنا وشربنا معا أمام الجميع.
فما حكم هذا الزواج وما وقع فيه؟
جزاكم الله خيرا.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد وقع الخلاف بين الجمهور وأبي حنيفة في حكم الولي في النكاح، فالجمهور على اشتراطه، خلافا لأبي حنيفة، والذي نفتي به قول الجمهور لقوة أدلته، وانظر الفتوى: 5855.
وإذا زوجتك هذه المرأة نفسها على مذهب أبي حنيفة، فيمضي الزواج من هذه الجهة، اعتبارا لهذا المذهب، ولكن يبقى الإشكال في أن الزواج بلا شهود، لا يصح على مذهب أبي حنيفة، كما أنه لا يصح على مذهب غيره من الأئمة الثلاثة، ولا اعتبار لما ذكرت من خروجها معك ورؤية الناس لكما على الحال الذي ذكرت، فلا يغني هذا عن أمر الشهادة، ولا يصير به الزواج صحيحا.
فإذا رغبتما في الاستمرار، فالواجب تجديد العقد على الوجه الصحيح، وبشروطه التي بينها الشرع، وراجع فيها الفتوى: 1766.
وإن وجد من هذا الزواج شيء من الولد، فيلحقون بك للشبهة.
وننبه إلى أمرين:
الأمر الأول: أن أمر الفروج عظيم، والأصل فيها التحريم كما ذكر العلماء، فلا يجوز التساهل في أمرها واستباحتها لأدنى سبب. وعلى المسلم أن يسأل أهل العلم عما يجهل قبل الإقدام على الفعل.
قال القرطبي في تفسيره: فرض العامي الذي لا يشتغل باستنباط الأحكام من أصولها؛ لعدم أهليته، فيما لا يعلمه من أمر دينه، ويحتاج إليه: أن يقصد أعلم من في زمانه وبلده، فيسأله عن نازلته، فيمتثل فيها فتواه؛ لقوله تعالى: فَاسْأَلوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ. وعليه الاجتهاد في أعلم أهل وقته بالبحث عنه، حتى يقع عليه الاتفاق من الأكثر من الناس. اهـ.
الأمر الثاني: من المنكر تشريع قوانين تحرم على المسلمين ما أحله الله لهم. وإذا ضيق على المسلم في بلد، وجعل في حرج من أمر دينه ودنياه، فأرض الله واسعة.
والله أعلم.