السؤال
أعمل سائقا خاصا لدى أسرة منذ فترة طويلة، حتى أصبحوا يعدونني واحداً منهم، يعاملونني معاملة ممتازة جداً. والحمد لله فقد منَّ الله علي الآن بالالتزام الديني، وأحاول أن أوفق أوضاعي حسب الشرع.
والسؤال هو: أحياناً تركب معي زوجة صاحب العمل وحدها، أو ابنته وحدها أيضاً، مع العلم أن ابنته غير ملتزمة بالحجاب الشرعي: تغطي شعرها فقط، وتلبس البنطال، مما يضعني في موقف محرج؛ لأني ملتح، وتركب معي متبرجة. مع العلم أيضاً أنني أذهب بها إلى الجامعة، ونعود بعد العاشرة ليلاً، في يوم واحد في الأسبوع، وأحياناً أذهب بهم إلى المولات، وأماكن الاختلاط كالأفراح وغيرها. فما حكم ذلك؟
ملحوظة: فكرت كثيراً في ترك العمل، ولكني لا أجد الآن عملاً مناسباً، وأيضاً أخشي أن يكون تركي للعمل فيه شيء من التنطع، أو البطر خاصة أنهم يمكنونني من الصلاة في المسجد، ولا يعترضون على لحيتي، وهذا نادر عندنا؛ ولذا فأنا في حيرة شديدة من أمري.
فهل علي إثم إن تركت العمل الآن وجلست في بيتي دون إيجاد عمل بديل؟ وهل خوفي على رزقي ينافي التوكل؟
أفتوني بارك الله فيكم.
وجزاكم الله خيراً على ما تقدمونه.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد أفتى جمع من العلماء المعاصرين بتحريم انفراد المرأة في السيارة مع سائق أجنبي، لكونه داخلاً في الخلوة المحرمة، كما بينا ذلك في الفتوى: 274744
لكن نقل المرأة وحدها، أو نقل امرأة متبرجة في السيارة؛ لا يترتب عليه تحريم عمل السائق كله، أو تحريم المال الذي يكتسبه من عمله.
فقد جاء في لقاء الباب المفتوح للشيخ ابن عثيمين -رحمه الله-: فإن انفرد بواحدة منهن حرم؛ لأجل الخلوة. وأما بالنسبة لراتب السائق أو مكافأته، فلا بأس بها؛ لأنها أجر على أمر مباح. انتهى.
وأمّا نقل بعض أفراد الأسرة أو جميعهم إلى أماكن تحصل فيها المنكرات، فحكمه فيه تفصيل، فإن كان الغرض من الذهاب إلى هذه الأماكن محرماً، فالنقل غير جائز؛ لما فيه من الإعانة على الإثم. وأمّا إن كان الغرض في الأصل مباحاً، فالنقل جائز، وانظر الفتوى: 358408
ولا إثم عليك في ترك هذا العمل، بل إنك إذا كنت تخشى على نفسك الفتنة، أو الوقوع في محرم؛ فواجب عليك ترك هذا العمل. وأمّا إذا كنت تأمن على نفسك الفتنة، فنصيحتنا لك أن تبحث عن عمل آخر يخلو من المحاذير الشرعية، أو تقلّ فيه تلك المحاذير. وإذا لم تجد عملاً آخر يكفيك، فلا تترك عملك، ولكن احرص على البعد عن المحاذير الشرعية ما استطعت، وحصّن نفسك من الفتن، واستعن بالله، وليس في حرصك على البقاء في العمل لقصد الكسب الحلال، معارضة للتوكل على الله.
والله أعلم.