السؤال
قال لي زوجي: سوف أطلقك، وأعطيك حقوقك، فقلت له: لا أريد شيئًا (قاصدة بذلك حقوقي)، ثم أردت أن يطلقني، فقلت له: طلقني إن كنت تريد، ولا أذكر هل أعدت مرة أخرى أني لا أريد شيئًا من حقوقي، عندما قلت له: طلقني إن كنت تريد، أم لا؟ ثم طلقني.
أولًا: هل الطلاق هنا رجعي أم بائن؛ لأني قبل الطلاق تنازلت عن حقوقي؟
ثانيًا: وإذا طلق الزوج بناء على تنازلي عن حقوقي في البداية، فهل يختلف الأمر أم لا؟
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فالأصلّ أنّ هذا الطلاق رجعي، وأنّ لك حقوقك كسائر المطلقات الرجعيات، إلا إذا كان حصل بينك وبين زوجك اتفاق على الطلاق على الإبراء؛ فحينئذ يكون الطلاق بائنًا، جاء في الفتاوى الكبرى لابن تيمية -رحمه الله-: مسألة: فِي امْرَأَةٍ أَبْرَأَتْ زَوْجَهَا مِنْ جَمِيعِ صَدَاقِهَا، ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ أَشْهَدَ الزَّوْجُ عَلَى نَفْسِهِ أَنَّهُ طَلَّقَ زَوْجَتَهُ الْمَذْكُورَةَ عَلَى الْبَرَاءَةِ، وَكَانَتْ الْبَرَاءَةُ تَقَدَّمَتْ عَلَى ذَلِكَ، فَهَلْ يَصِحُّ الطَّلَاقُ؟ وَإِذَا وَقَعَ يَقَعُ رَجْعِيًّا أَمْ لَا؟
الْجَوَابُ: إنْ كَانَا قَدْ تَوَاطَئا عَلَى أَنْ تُوهِبَهُ الصَّدَاقَ، وَتُبْرِيَهُ عَلَى أَنْ يُطَلِّقَهَا، فَأَبْرَأَتْهُ، ثُمَّ طَلَّقَهَا، كَانَ ذَلِكَ طَلَاقًا بَائِنًا، وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ لَهَا: أَبْرِئِينِي وَأَنَا أُطَلِّقُك، أَوْ إنْ أَبْرَأْتنِي طَلَّقْتُك، وَنَحْوَ ذَلِكَ مِنْ عِبَارَاتِ الْخَاصَّةِ وَالْعَامَّةِ، الَّتِي يُفْهَمُ مِنْهَا أَنَّهُ سَأَلَ الْإِبْرَاءَ عَلَى أَنْ يُطَلِّقَهَا، أَوْ أَنَّهَا أَبْرَأَتْهُ عَلَى أَنْ يُطَلِّقَهَا.
وَأَمَّا إنْ كَانَتْ بَرَّأَتْهُ بَرَاءَةً لَا تَتَعَلَّقُ بِالطَّلَاقِ، ثُمَّ طَلَّقَهَا بَعْدَ ذَلِكَ، فَالطَّلَاقُ رَجْعِيٌّ. انتهى.
ومن كلام شيخ الإسلام -ابن تيمية- يفهم جواب سؤالك: أنّ زوجك إذا كان طلقك بناء على تنازلك قبل ذلك عن حقوقك، مقابل الطلاق؛ فطلاقه بائن.
وإن كان بينكما نزاع في مسألة الطلاق، وما يترتب عليه من حقوق، فالذي ننصحكما به أن ترفعوا الأمر إلى القضاء، أو تعرضوا المسألة على من تمكنكم مشافهته من أهل العلم الموثوق بعلمهم، ودِينهم في بلدكم.
والله أعلم.