السؤال
لديَّ سؤال عن اللقطة. كنت يوما في بنك لأستلم حوالتي المالية الآتية من دولة أخرى. وأثناء استلامي للمبلغ، وجدت قطعة نقدية بما يعادل أقل من نصف ريال تقريبا على الأرض. أعلم أنه مبلغ قليل جدا. ولكن سألت الرجل الذي كان يقف بجانبي، هل هذه القطعة لك؟ فقال: لا. ثم تَدَخّلَتْ الموظفة التي تعمل في البنك (التي كانت تعطيني حوالتي المالية)، فقالت: إنها لي أنا، ولكن هي بالفعل ليست لي أبداً، وأنا متأكد من ذلك. ولكن استحييت أن أجادل الموظفة عن نصف ريال، فأخذتها. هل يعتبر هذا النصف الريال من الأموال الحرام؟ هل يجب عليَّ إرجاعه للبنك؟ مع العلم أني تصدقت به.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فما دام هذا المبلغ يسيرا لا تتبعه همة أوساط الناس، فإنه يملك بلا تعريف، فلا يجب عليك البحث عن صاحبه، ولا إعادته للبنك.
جاء في المغني لابن قدامة: اليسير الذي لا تتبعه النفس، كالتمرة والكسرة والخرقة، وما لا خطر له، فإنه لا بأس بأخذه والانتفاع به من غير تعريف؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم ينكر على واجد التمرة حيث أكلها، بل «قال له: لو لم تأتها لأتتك» . «ورأى النبي - صلى الله عليه وسلم - تمرة فقال: لولا أني أخشى أن تكون من الصدقة، لأكلتها» ولا نعلم خلافا بين أهل العلم في إباحة أخذ اليسير والانتفاع به، وقد روي ذلك عن عمر، وعلي، وابن عمر، وعائشة، وبه قال عطاء، وجابر بن زيد، وطاوس، والنخعي، ويحيى بن أبي كثير، ومالك، والشافعي، وأصحاب الرأي. وليس عن أحمد وأكثر من ذكرنا تحديد اليسير الذي يباح. اهـ.
وجاء في كشاف القناع: وينقسم المال الضائع، ونحوه ثلاثة أقسام: أحدها: ما لا تتبعه همة أوساط الناس (كالسوط) والرغيف، والكسرة، والتمرة، والعصا، ونحو ذلك) كالخرقة، والحبل، وما لا خطر له (وما قيمته كقيمة ذلك، فيملك بأخذه، وينتفع به آخذه بلا تعريف) لحديث جابر «رخص النبي - صلى الله عليه وسلم - في العصا، والسوط، والحبل يلتقطه الرجل ينتفع به» رواه أبو داود (والأفضل أن يتصدق به) ذكره في التبصرة.
(ولا يلزمه) أي: الملتقط (دفع بدله إن وجد ربه) ؛ لأن لاقطه ملكه بأخذه (ولعل المراد إذا تلف) قال في الشرح: إذا التقطه إنسان، وانتفع به، وتلف فلا ضمان. اهـ. باختصار.
والله أعلم.