السؤال
كان والدي إنساناً طيباً وقلبه رحيم، ولكن الخمر والسكر غير من طبعه، لدرجة أنه كانت تقع بيننا مشادات كلامية لدرجة كنت أسبه وأشتمه لحين كرهت ما يفعل، ولم أعد أهتم به، توالت الأيام على هذا المنوال، لحين وفاته بالرغم أننا نسكن بنفس البيت، لكني كنت لا أكلمه ولا أبره، وبعد موته أصابني ندم شديد، تمنيت أن أعتذر له، وأن أهتم به، وأن أسأله عن حاله، والله شاهد على مكانته الكبيرة عندي، سأبر أبي فيما تبقى من عمري، وسأدعو له وأتصدق عنه بإذن الله وأرجو له الرحمة والمغفرة وأن يغفر لي.
سؤالي: هل إذا قمت بالأعمال التي ذكرتها سيغفر الله له ولي ويرحمه الله سبحانه وتعالى وهل سيسامحني أبي؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله تعالى أن يحسن عزاءك في أبيك، وأن يغفر له ويرحمه ويرفع درجاته في عليين.
والخمر أم الخبائث وأصل لكثير من الشرور، ومن يشربها لا يتوقع منه أن يكون أقل حالا من المجانين، ولذلك قال الله تعالى عنها: إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ {المائدة:91}.
ومهما أساء الوالد لا يجوز لولده أن يسيء إليه، ولا إشكال في أن تكرهي ما فعل أبوك من منكر، وأما عصبيتك عنده، وسبك إياه، وإهمالك له فمنكر، وعقوق, وقد أحسنت بندمك على ما فعلت، والواجب عليك أن تتوبي إلى الله عز وجل توبة نصوحا بشروطها والتي ضمناها الفتوى: 29785. ومنها تعلمين أن من تمام التوبة التحلل من حق المخلوق، وهو هنا حق أبيك، ولا سبيل لك لطلب المسامحة منه لكونه قد مات، ولكن أمِّلي في ربك خيرا، وأحسني الظن به، واحرصي على البر بأبيك بالدعاء له بالرحمة والمغفرة والتصدق عنه، ونحو ذلك من أعمال البر، عسى الله عز وجل أن يرضى عنه، وأن يرضى عنك، ويرضيه، فتبرأ ذمتك من حقه، ولمعرفة ما يكون به بر الوالد بعد موته انظري الفتوى 10602.
والله أعلم.