السؤال
أخي الكريم هل يجوز قطع صلة الرحم مع خالي وخالتي، والسبب طردهم لي من المنزل؟
الحكاية باختصار: خالي يكره أبي بسبب حساسيات قديمة، ولدية أحقاد قديمة. وفي يوم من الأيام كانوا مجتمعين في مجلس، وحصل بينهم شجار بسبب نقاش. ومنذ ذلك الوقت زادت كراهيته اتجاهنا، وأصبح يكرهني أنا أيضا؛ لأني ابنه الكبير.
وفي يوم من الأيام قمنا بزيارته في منزلة أنا وأمي، استقبل أمي استقبالا جيدا، ولكن بالنسبة لي لم يستقبلني استقبالا جيدا، وأثناء وجودنا في المجلس قام باستفزازي في الكلام، وطردي من المنزل بطريقة غير مباشرة. لم تكن صيغة الطرد لفظية، ولكني فهمتها، وأمي أيضا فهمت كلامه.
وبالنسبة لي خالتي كانت دائما تحسدني، وتسيء لي في الكلام الجارح الذي يمس نقاط ضعفي. كانت دائما تسيء لي بالكلام الجارح الذي يمسني ويمس عائلتي. وكان كلامها دائما حول أن أسرتك حالتها المادية سيئة، وأسرتك لا تستطيع أن توفر لك مصاريف الدراسة وهكذا؛ لأنها كانت تعلم كل شيء عنا. وتعلم أن أحد إخوة أمي الطيبين أو أحد خلاني الطيبين يساعدني في مصاريف الدراسة، وهي تحسدني على هذه المساعدة.
خالي السيء الذي طردني من منزله، اتفق معها بأن تطردني من منزلها عندما أزورها في منزلها.
وبالفعل في يوم من الأيام زرتها في منزلها، وقامت بطردي. مع العلم أن خالتي قامت بطردي مرتين، والمرة الثالثة طردتني بالهاتف، ومنعتني من زيارتها.
خالي وخالتي يكنان لنا أحقادا قديمة نحن وأبي.
فهل يجوز أن أقطع علاقتي وصلة الرحم التي بين خالي وخالتي.
ولكم جزيل الشكر والامتنان والتقدير.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالرحم أمرها عظيم، أعلى الله من شأنها، فأمر بصلتها، وهو أمر وجوب، ونهى عن قطيعتها وهو نهي تحريم، بل إن قطيعتها من أسباب اللعن وهو الطرد من رحمة الله، ويمكن مراجعة النصوص المتعلقة بذلك في الفتوى: 13912، والفتوى: 43714.
فلا يجوز لك أن تقطع رحمك، وخاصة الخال والخالة، فهما لهما منزلتهما، كما أوضحنا في الفتوى: 138216.
ومن كان مؤذيا من ذوي الرحم، فإنه يقطع بالقدر الذي يندفع به الأذى، ويوصل بغيره، خاصة وأن وسائل الصلة كثيرة ويرجع فيها للعرف، وراجع الفتوى: 348340، والفتوى: 367546.
على أنه كان من المفترض أن تتجاهل من الطرد ما لم يكن صريحا كحالة الخال، ففي الحكمة الشعرية:
لَيسَ الغَبيُّ بِسَيدٍ في قَومِهِ لَكِن سَيِّد قَومِهِ المُتَغابي
أي المتغافل عن صغائر الأمور.
بقي أن ننبه إلى أن السنة قد دلت على فضل من يصل الأرحام وإن قطعوه، وأن في ذلك أجرا للواصل عند الله تعالى، وليس في ذلك مذلة ولا إهانة لكرامته، بل إن فعل ذلك تواضعاً لله تعالى، وابتغاء للمثوبة عنده، فسيكون ذلك رفعاً لقدره عند الله وعند الناس. روى مسلم عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رجلا قال: يا رسول الله؛ إن لي قرابة أصلهم ويقطعوني، وأحسن إليهم ويسيئون إلي، وأحلم عنهم ويجهلون علي، فقال:"لئن كنت كما قلت، فكأنما تسفهم المل، ولا يزال معك من الله ظهير عليهم ما دمت على ذلك".
وثم تنبيه آخر وهو أهمية الصلح وخاصة بين ذوي الرحم، وقد دلت النصوص من الكتاب والسنة على فضل الإصلاح بين الناس، قال تعالى: لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا {النساء:114}. وروى عن أبي الدرداء -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ألا أخبركم بأفضل من درجة الصيام والصلاة والصدقة؟» قالوا: بلى، يا رسول الله قال: «إصلاح ذات البين، وفساد ذات البين الحالقة".
والله أعلم.