السؤال
والدتي توفي والدها منذ ثلاث سنوات، وخلّف وراءه متجرا ذا قيمة، وبعض الأملاك.
بعض إخوتها لم يقبلوا ببيع الممتلكات وتوزيع الميراث، واستمر أحدهم في استثمار البضاعة في المتجر رغما عن الباقين، ويرسل للورثة مبلغا شهريا ثابتا، على أنه الربح من هذا الاستثمار.
خلال هذه الأعوام أرسل لهم ثلاث مرات مبلغا ماليا على أنه زكاة البضاعة الموجودة في المتجر، وطالبهم بدفعه للمستحقين.
السؤال: هل لهذه البضاعة زكاة؟ ما حكم التصرف في هذه المبالغ المرسلة، علما أن بعض الإخوة في حالة فقر؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
فنجمل الجواب عن سؤلك من خلال النقاط التالية:
أولا: تأخير قسمة التركة، وفيه تفصيل هو: أنه إذا كان الورثة جميعا رشداء بالغين، فلا حرج عليهم حينئذ في الاتفاق على عدم تقسيم التركة إن تم التراضي بينهم جميعا، وإذا كان بعضهم غير موافق، فلا بد من إعطائه نصيبه.
وأما لو كان من بين الورثة من هو قاصر، ففي هذه الحالة عليهم أن يذهبوا إلى القاضي الشرعي، ويخبروه بعددهم، وبما ترك الميت لهم؛ ليقسمه بينهم قسمة شرعية، ثم يسلم للكبار منهم أنصباءهم، ويجعل نصيب الصغار تحت يد رشيدة تنميه لهم، وتصرف منه عليهم بالمعروف.
وإذا رأى الراشدون أن من مصلحة الورثة أن لا تقسم التركة الآن، فيجب عليهم أن يميزوا نصيب القاصرين عن نصيبهم، ويوضع تحت يد رشيدة تنميه لهم، وتنفق عليهم منه بالمعروف، وقد يرى القاضي أن تكون اليد الرشيدة هي بعض الورثة، وقد يرى أن تكون غيرهم.
ثانيا: لو لم يكن بين الورثة قاصر، واتفقوا على تأخير القسمة، وتولى أحدهم استثمار المال الموروث: فإما أن يكون فعله عن تراض منهم جميعا. وحينئذ لا حرج في ذلك، وتجب الزكاة على من بلغ نصيبه في التركة نصابا فأكثر، ومن لم يبلغ نصيبه من التركة نصابا، فلا زكاة عليه. وانظري الفتوى: 36382
ثالثا: ليس لأحد الورثة أن يستثمر التركة دون إذن باقي الورثة، وإلا كان متعديا بفعله. كما أنه ليس لأحد الورثة أو الشركاء إخراج الزكاة عن غيره ولو وجبت عليه دون إذنه، وتوكيله له في ذلك. وانظري الفتوى: 130246.
هذا من حيث الإجمال، وإلا فالمسألة المذكورة تحتاج إلى أن ترفع للمحاكم الشرعية؛ لمعرفة الواجب فيها، بناء على ما ذكرناه من احتمالات أو غيرها.
والله تعالى أعلم.