السؤال
شكرا على هذا الموقع في البداية.
لو سمحتم ما حكم الطلاق في حالة الرجل الذي يطلق زوجته برا لقسمها ((حق المسلم على المسلم أن يبر قسمه)) عليه، لا أكثر.
حيث وبعد أن بكت كثيرا قالت: أسألك بالله أن تطلقني، فقال: أنت طالق، ولم تكن لديه رغبة، ولا يريد طلاقها، بل يحبها ويريدها.
هل يقع الطلاق في هذه الحالة؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقولك لزوجتك: "أنت طالق"، صريح في الطلاق، فلا تعتبر فيه النية؛ كما ذكر الفقهاء.
قال ابن قدامة في المغني: صريح الطلاق لا يحتاج إلى نية، بل يقع من غير قصد. ولا خلاف في ذلك. اهـ.
وقال الكاساني في بدائع الصنائع: الألفاظ التي يقع بها الطلاق في الشرع نوعان: صريح وكناية.
أما الصريح فهو اللفظ الذي لا يستعمل إلا في حل قيد النكاح، وهو لفظ الطلاق، أو التطليق... إلى أن قال: ومثل هذه الألفاظ ظاهرة المراد؛ لأنها لا تستعمل إلا في الطلاق عن قيد النكاح، فلا يحتاج إلى النية لوقوع الطلاق. اهـ.
فهذا الطلاق واقع، وكونك نطقت به إبرارا لقسمها يؤكد وقوعه؛ لأنك فعلت ذلك استجابة لما طلبت، وهي قد طلبت الطلاق.
وننبه إلى أمرين:
الأول: أن الطلاق ليس الحل الوحيد لمشاكل الحياة الزوجية، فينبغي تحري الحكمة في حلها. ولا يجوز للمرأة أن تطلب من زوجها الطلاق إلا لمسوغ شرعي؛ لأن السنة وردت بالنهي عن ذلك، وتراجع الفتوى: 37112.
الثاني: على المسلم أن يحرص على سؤال أهل العلم قبل الإقدام على الفعل، ولا يترك الأمر حتى يفعل ما يريد، ثم يبحث عن حكمه أو مخرج منه.
قال القرطبي في تفسيره: فرض العامي الذي لا يشتغل باستنباط الأحكام من أصولها؛ لعدم أهليته، فيما لا يعلمه من أمر دينه، ويحتاج إليه، أن يقصد أعلم من في زمانه وبلده، فيسأله عن نازلته، فيمتثل فيها فتواه؛ لقوله تعالى: فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ {النحل:43}، وعليه الاجتهاد في أعلم أهل وقته بالبحث عنه؛ حتى يقع عليه الاتفاق من الأكثر من الناس. اهـ.
والله أعلم.