السؤال
هل كان يوسف -عليه الصلاة والسلام- عندما يفسّر الرؤى -مع العلم أن تفسيره للرؤى وحي من الله- يعلم أن الرؤى التي يفسرها ستتحقق؟
هل كان يوسف -عليه الصلاة والسلام- عندما يفسّر الرؤى -مع العلم أن تفسيره للرؤى وحي من الله- يعلم أن الرؤى التي يفسرها ستتحقق؟
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فالذي قصه الله علينا في القرآن من الرؤى التي عبرها يوسف -عليه السلام-، هو رؤيا صاحبيه في السجن، ورؤيا الملك.
وظاهر خطابه لصاحبيه في السجن، وخطابه مع رسول الملك، أنه كان جازمًا بحصول ما دلت عليه تلك الرؤيا، ويدل لذلك قول يوسف -عليه السلام- لصاحبيه في السجن: قُضِيَ الْأَمْرُ الَّذِي فِيهِ تَسْتَفْتِيَانِ {يوسف:41}، وقيل إنه -عليه السلام- لم يكن جازمًا بوقوع ما عبّره؛ لقوله: وَقَالَ لِلَّذِي ظَنَّ أَنَّهُ نَاجٍ مِنْهُمَا اذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ {يوسف:42}، فعبّر بلفظ الظن المفيد عدم اليقين.
وأجاب القائلون بجزمه بالوقوع، بأن الظن هنا بمعنى اليقين، قال الألوسي -رحمه الله-: وقال -أي: يوسف عليه السلام-: لِلَّذِي ظَنَّ أَنَّهُ ناجٍ: أوثر على صيغة المضارع، مبالغة في الدلالة على تحقيق النجاة، حسبما يفيده قوله: قُضِيَ الْأَمْرُ إلخ، وهو السر في إيثار ما عليه النظم الكريم، على أن يقال: للذي ظنه ناجيا مِنْهُمَا، أي: من صاحبيه،.. والظان هو يوسف -عليه السلام- لا صاحبه، وإن ذهب إليه بعض السلف؛ لأن التوصية لا تدور على ظنّ الناجي، بل على ظنّ يوسف -عليه السلام-، وهو بمعنى اليقين، كما في قوله تعالى: الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاقُوا رَبِّهِمْ [البقرة:46] ونظائره. ولعل التعبير به من باب إرخاء العنان، والتأدب مع الله تعالى، فالتعبير على هذا بالوحي، كما ينبئ عنه قوله: قُضِيَ الْأَمْرُ إلخ، وقيل: هو بمعناه، والتعبير بالاجتهاد والحكم بقضاء الأمر أيضًا اجتهادي، واستدل به من قال: إن تعبير الرؤيا ظنيّ لا قطعيّ. انتهى.
وقال الطاهر بن عاشور -رحمه الله-: قَالَ يُوسُفُ -عَلَيْهِ السَّلَامُ- لِلَّذِي ظَنَّ نَجَاتَهُ مِنَ الْفَتَيَيْنِ، وَهُوَ السَّاقِي. وَالظَّنُّ هُنَا مُسْتَعْمَلٌ فِي الْقَرِيبِ مِنَ الْقَطْعِ؛ لِأَنَّهُ لَا يشك في صحة تعبيره للرؤيا. انتهى.
والله أعلم.
يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني