السؤال
هل تجوز القراءة عند المقابر أي داخل المقابر؟ وهل ينتفع الميت بقراءة أخيه أو خاله، وغير ذلك؟
هل تجوز القراءة عند المقابر أي داخل المقابر؟ وهل ينتفع الميت بقراءة أخيه أو خاله، وغير ذلك؟
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فليس من السنة قراءة القرآن عند المقابر، وما يفعله بعض الناس من اتخاذ قراءة القرآن عند القبور عادة هذا لم يرخص فيه أحد من العلماء.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: نَقَلَ الْجَمَاعَةُ عَنْ أَحْمَدَ كَرَاهَةَ الْقُرْآنِ عَلَى الْقُبُورِ، وَهُوَ قَوْلُ جُمْهُورِ السَّلَفِ، وَعَلَيْهَا قُدَمَاءُ أَصْحَابِهِ، وَلَمْ يَقُلْ أَحَدٌ مِنْ الْعُلَمَاءِ الْمُعْتَبَرِينَ: إنَّ الْقِرَاءَةَ عِنْدَ الْقَبْرِ أَفْضَلُ، وَلَا رَخَّصَ فِي اتِّخَاذِهِ عِيدًا كَاعْتِيَادِ الْقِرَاءَةِ عِنْدَهُ فِي وَقْتٍ مَعْلُومٍ أَوْ الذِّكْرِ أَوْ الصِّيَامِ، وَاِتِّخَاذُ الْمَصَاحِفِ عِنْدَ الْقَبْرِ بِدْعَةٌ وَلَوْ لِلْقِرَاءَةِ .اهــ
وقال الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله تعالى-: قراءة القرآن على القبور ليست من هدي النبي -صلى الله عليه وسلم- ولا هدي أصحابه -رضي الله عنهم- وعلى هذا فتكون بدعة، وأفضل مكان يقرأ فيه القرآن هو بيوت الله المساجد، كما قال النبي -عليه الصلاة والسلام- (ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم إلا نزلت عليهم السكينة، وغشيتهم الرحمة، وحفتهم الملائكة، وذكرهم الله فيمن عنده). وأما القراءة عند القبور فليست من السنة، بل هي من البدعة، وأما كونها تنفع الميت، فإنها لا تنفع الميت؛ لأن البدعة لا تنفع صاحبها ولا غيره، ولكن العلماء اختلفوا فيما لو قرأ القارئ قرآناً على غير وجه البدعة، ونوى أن يكون ثوابه لشخص معين. هل يصل إليه هذا الثواب أو لا يصل؟ فقال بعض أهل العلم: إن الأصل في العبادات التوقيف، وأنه لا يصل إلى الميت إلا ما دلت السنة على وصوله؛ كالصدقة مثلاً، وقضاء الصوم الواجب، وقضاء الحج الواجب، وما عدا ذلك مما لم ترد به السنة، فإنه لا ينفع الميت، ولا يصل إليه، واستدلوا بقول الله تعالى (وَأَنْ لَيْسَ لِلإِنسَانِ إِلاَّ مَا سَعَى) قالوا هذه الآية عامة بأن الإنسان ليس له إلا ما سعى؛ إلا ما جاءت به السنة، فيكون ما جاءت به السنة مخصصاً لهذا العموم ونقتصر عليه، ولا شك أن هذا القول كما سمعت قول قوي لقوة تعليله ووضوح دليله. وقال بعض أهل العلم: إن الإنسان إذا عمل طاعة، ونوى أن يكون ثوابها لشخص من المسلمين، فإن ذلك ينفعه؛ سواء كانت هذه العبادة مما جاءت به السنة أي مما جاءت السنة بجواز جعل ثوابها لشخص معين أم لا، وقالوا: إن ما جاءت به السنة قضايا أعيان لا عموم لها، ولا تمنع من أن يقاس عليها مثلها، فإذا كانت السنة جاءت بجواز إهداء ثواب الأعمال لشخص معين في أشياء معينة، فغيرها مثلها، وهذا هو المشهور من مذهب الإمام أحمد -رحمه الله- وقد ذكر فقهاء الحنابلة -رحمهم الله- كلمة عامة في هذا فقالوا: أي قربة فعلها وجعل ثوابها لميت أو حي من المسلمين نفعه ذلك. ومع هذا فإني أقول: إن خيراً من هذا كله أن يدعو الإنسان للميت، فإن دعاءه للميت أفضل من الصدقة له، وأفضل من الصيام له، وأفضل من العمرة له، وأفضل من الطواف له، وأفضل من أي عمل صالح يجعله للميت، ودليل هذا أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاثة: إلا من صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له). اهــ وانظر الفتوى: 14865 .
والمفتى به عندنا أن الميت ينتفع بما يهديه له المسلم من قراءة القرآن وغيره من الطاعات، إذا فعلها المسلم، ثم دعا الله تعالى أن يجعل ثوابها للميت. وانظر الفتوى: 194983.
والله أعلم.
يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني