السؤال
استفدت من أموال ربوية (فوائد بنوك) بأن أخذت بها دورات في مهارات التسويق، وبرمجة الكمبيوتر، وأريد أن أعمل بهذه المهارات في مشروع حلال، فهل يجوز ذلك؟ وهل أرباحي من هذا المشروع ستكون حلالًا؟ وهل القاعدة الشرعية: "ما بنى على باطل، فهو باطل" تنطبق على هذه الحالة؛ لأني تعلمت هذه المهارات بأموال ربوية، ولولا هذه الأموال ما كنت تعلمت هذه المهارات؛ لأنها مكلفة، ولكن كان يمكنني تعلم أشياء أخرى دون هذا المال، فما رأيكم؟ وإذا كان يجوز، فأرجو توضيح السبب الشرعي لذلك.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فحائز المال الحرام المكتسب من الربا ونحوه، ليس له أن ينتفع به في خاصة نفسه، بل الواجب عليه التخلص منه بدفعه للفقراء، والمساكين، أو في المصالح العامة للمسلمين، وما انتفع به منه، يلزمه رد بدله، إلا أن يكون فقيرًا محتاجًا حين أنفق ذلك؛ لأنه حينئذ من مصارف المال الحرام، قال الإمام النووي نقلًا عن الغزالي في معرض كلامه عن التصرف في المال الحرام: وله أن يتصدق به على نفسه، وعياله، إذا كان فقيرًا؛ لأن عياله إذا كانوا فقراء، فالوصف موجود فيهم، بل هم أول من يتصدق عليه. اهـ.
وعلى كل؛ فما أنفقته من ذلك المال الحرام، إن لم تكن من مصارفه، فعليك رد بدله، ولا تتعلق الحرمة بما استُهلِك فيه عينًا أو منفعة، وإنما تتعلق بذمة صاحبه.
ومن ثم؛ فانتفاعك بالمهارات والمعارف التي اكتسبتها من تلك الدورات، لا حرج عليك فيه، وكذا لو كنت اشتريت بها ثيابًا أو غيرها، فلك الانتفاع بها؛ لما بيناه من عدم تعلق الحرمة بعين ما استهلك فيه المال الحرام.
وأما قاعدة: "ما بني على باطل، فهو باطل"، فليس هذا من تفريعاتها، وهي كقولهم: "ما بني على فاسد، فهو فاسد"، جاء في شرح الشيخ سعد الشثري لمنظومة القواعد الفقهية للسعدي: ومن القواعد في ذلك: أنه إذا كان المتبوع فاسدًا، فسد التابع، ويعبر عنها بعض الفقهاء بقولهم: "ما بني على الفاسد، فهو فاسد"، و"ما بني على الباطل، فهو باطل"، ويمثلون له بصلح وقع على حرام، فإن هذا الصلح فاسد وباطل؛ لأنه مبني على حرام، وفي الحديث -حديث العسيف-، أن الأجير زنى بامرأة، فصالح والده عن إقامة الحد عليه عن العقوبة بمائة شاة، ووليدة، فأبطل النبي صلى الله عليه وسلم هذا الصلح، وأقام عليه الحد". والحديث متفق عليه. اهـ.
والله أعلم.