السؤال
بسم الله الرحمن الرحيم
تزوجت من فتاة في مصر بعقد زواج رسمي وشرعي، مسجل في المحكمة.
وبعد الزواج بأيام اكتشفت أن أهل الزوجة نصابون وكذابون. وهي زوجة ثانية، فخيرتها بين الطلاق؛ لأنها لم تعلمني بذلك، أو إنهاء الرسمية في عقد الزواج، حتى لا يتمكن أهلها من مقاضاة أهلي وسرقتهم إذا لم أكن حيا.
فاختارت إنهاء الرسمية في عقد الزواج الرسمي؛ فذهبت للمأذون أنا وهي وطلبت منه إنهاء الرسمية، فقال لي: لا بد من استخراج قسيمة طلاق. فقلت له: أنا لا أريد أن أطلقها، فقال لي: تمام، وأعطانا الأوراق، ووقعنا عليها. وقام باستخراج قسيمة الطلاق، وهو يسلمها لي قال لي ثانية: طلقها، وردها مرة أخرى الآن. فقلت له: ليس في نيتي طلاقها، ولن أطلقها، فقال لي: نقوم بإشهار مرة أخرى؛ لكي تكون في الأمان. فوافقت، وقام بإشهار مرة أخرى بدون أن أطلقها. واستلمت منه قسيمة الطلاق السورية.
وكـأي زوجة أحبت أن تضايقني مرتين، وطلبت الطلاق؛ فطلقتها مرتين فعليا، وهي الآن تريد العودة إلى بيتها على اعتبار أن ما حدث في الأول من إلغاء قسيمة الطلاق الأولى دون تطليقها لا يعتبر طلاقا؛ لأنه لو اعتبر طلاقا فلا عودة لها. وإذا لم يعتبر طلاقا فلا مانع من رجوعها.
فالسؤال هو: هل ما حدث أولا من إلغاء قسيمة الطلاق مع رفضي تطليقها، وبالرغم من التوقيع على القسيمة يعتبر طلاقا، وتحتسب طلقة أم لا؟
ولسيادتكم جزيل الشكر.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن لم يكن منك إلا مجرد التوقيع على قسيمة، ولم تتلفظ بالطلاق أو تكتبه بنية إيقاعه، فلم يقع الطلاق. وراجع فتوانا: 311461.
وما كان من إشهار بعد ذلك لا تأثير له، بل هو تحصيل حاصل، فلم تحصل البينونة الكبرى.
وبناء عليه، لا حرج عليك في إرجاعها، وإن كانت لا تزال في العدة جاز لك إرجاعها بدون عقد جديد؛ لأن المطلقة الرجعية في حكم الزوجة، ولذلك كان الحق لزوجها في إرجاعها ولو لم ترض، قال الله عز وجل: وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ إِنْ أَرَادُوا إِصْلَاحًا {البقرة:228}.
وانظر الفتوى: 64820، والفتوى: 143991.
وإن انقضت عدتها؛ فقد بانت منك بينونة صغرى، فيجب تجديد العقد، كما هو مبين في الفتوى: 197927.
وننبه إلى أن كون أهل الزوجة أهل سوء، لا يمنع شرعا من الزواج منها إن كانت صالحة، ولا يلزمها أن تخبرك بحال أهلها، نعم، كره بعض أهل العلم الزواج من بنت الفاسق، ولكنهم لم يحرموا ذلك، والمفتى به عندنا أنه لا يكره الزواج منها، وراجع لمزيد الفائدة الفتوى: 126839.
وثم تنبيه آخر وهو أن توثيق عقد الزواج أمر مهم من أجل الحفاظ على الحقوق.
قال ابن جزي المالكي في القوانين الفقهية: ( المسألة الخامسة): في كتاب الصداق، وليس شرطا، وإنما يكتب هو وسائر الوثائق توثيقا للحقوق، ورفعا للنزاع. اهـ.
فقد أسأت إذن بإلغاء هذه الوثيقة، وتظل تلك الحقوق باقية على كل حال، وجدت تلك الوثيقة أم لم توجد.
والله أعلم.