السؤال
عندي صديق مهموم جدا بسبب أنه قال: طالق طالق طالق، ليس عن قصد أو برضاه، أو وهو هادئ البال. وإنما حسب كلامه أنه حتى عندما قالها كان سريعا جدا؛ لأنه في وقتها كان أبوه موجودا في نفس المكان، وكان هناك شجار بينه وبين زوجته؛ فتدخل الأب وأيضا الأم . وأراد الأب والأم إخراج الزوجة من الغرفة، خوفا من أن يضربها زوجها؛ فحلف الزوج إن خرجت سوف يطلقها في حالة غضب، فتحداه أبوه وقال له: أنت لست كفؤا، وأتحداك. واستفزه بكلام جارح نوعا ما، فما كان من الزوج إلا أن غضب جدا وبانفعال قال: طالق طالق طالق.
ولكنه لم يقل: أنت طالق طالق طالق، وإنما كرر طالق فقط ثلاث مرات، وبنية ذكر الطلاق شفويا.
وعندما كان يقولها كان متوترا، وبدافع غضب وبانفعال شديد، وتحد، ودون شعور بما يقول.
فما الحكم؟ للعلم أن الزوج لم يرد ذلك، ولو لم يتدخل أمه وأبوه بداعي خوفهم على البنت، لما حدث ذلك، إنما حدث وهو مكره عليه بسبب الغضب، وهي أول مرة له يقولها، وللعلم لم تخرج الزوجة من الغرفة إلا عندما سمعته يقولها؟
فما حكم الطلاق في هذه المسألة؟
ودمتم بخير، وجزاكم الله خيرا.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالراجح عندنا أنّ لفظ :"طالق" من غير إضافة إلى الزوجة؛ كناية لا يقع به الطلاق بغير نية.
وقد جاء في مجموع الفتاوى لشيخ الإسلام ابن تيمية: وسئل -رحمه الله-: عن رجل غضب فقال: طالق؛ ولم يذكر زوجته؛ واسمها؟
فأجاب -رحمه الله-: إن لم يقصد بذلك تطليقها، لم يقع بهذا اللفظ طلاق. انتهى.
وقرينة الغضب، وكون الزوجة حاضرة وقت تلفظه بهذه العبارة؛ لا يقع بها الطلاق فيما بينه وبين الله ما دام لم ينو الطلاق.
جاء في الدر المختار: فالكنايات لا تطلق بها قضاء إلا بنية، أو دلالة الحال.
قال ابن عابدين في حاشيته: قوله "قضاء" قيد به؛ لأنه لا يقع ديانة بدون النية. انتهى.
وقال ابن قدامة -رحمه الله- في المغني: ولو أراد بالكناية حال الغضب، أو سؤال الطلاق غير الطلاق، لم يقع الطلاق؛ لأنه لو أراده بالصريح لم يقع، فبالكناية أولى. وإذا ادعى ذلك ديّن. انتهى.
فإن كان الزوج لم ينو طلاق زوجته بهذه العبارة؛ فلا يقع طلاقه بها، لكن إذا كان حلف بالله أن يطلق زوجته إذا خرجت؛ فعليه حينئذ كفارة يمين.
وأمّا إذا كان نوى طلاق زوجته بهذه العبارة، ولم يقصد طلاقها ثلاثاً؛ فإنها تطلق طلقة واحدة.
قال ابن قدامة -رحمه الله-: فإن قال: أنت طالق طالق طالق، وقال أردت التوكيد، قبل منه ..انتهى.
وله في هذه الحال مراجعتها في عدتها، وقد بينا ما تحصل به الرجعة شرعا في الفتوى: 54195
والله أعلم.