السؤال
أريد من فضيلتكم الاستفسار عن معنى الآية الكريمة: الأَخِلاَّء يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلاَّ الْمُتَّقِينَ" لماذا لم يقل: إلا المؤمنين، أو إلا المسلمين؟
ما الفرق بين المتقي والمؤمن والمسلم؟
أريد من فضيلتكم الاستفسار عن معنى الآية الكريمة: الأَخِلاَّء يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلاَّ الْمُتَّقِينَ" لماذا لم يقل: إلا المؤمنين، أو إلا المسلمين؟
ما الفرق بين المتقي والمؤمن والمسلم؟
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد فسرت كلمة المتقين في الآية بعدة تفسيرات، وكلها متقاربة من حيث العموم: ففسرت بالموحدين، والمؤمنين، والمتصادقين في الله، المجتمعين على طاعته، والمتحابين في الله، والمجتنبين أخلاء السوء.
أما تفسيرها بالموحدين، فقد جاء في تفسير مقاتل بن سليمان: يعني الموحدين. اهـ.
وفي التفسير الوسيط للواحدي: إلا المتقين. يعني: الموحدين المؤمنين، الذين يخال بعضهم بعضا على الإيمان والتقوى، فإن خلتهم لا تصير عداوة. اهـ.
وأما تفسيرها بالمؤمنين، فقد جاء في التفسير الوجيز للواحدي: وهم المؤمنون. اهـ. وكذلك ذكره النسفي في تفسيره (مدارك التنزيل وحقائق التأويل)، وغيرهما.
وأما تفسيرها بالمتحابين، فقد جاء في (فتح الرحمن في تفسير القرآن) لمجير الدين العليمي: المتحابين في الله على طاعته؛ فإن خلتهم نافعة أبدا. اهـ.
وأما تفسيرها بالمتصادقين في الله، فقد جاء في تفسير (البحر المديد في تفسير القرآن المجيد): إِلَّا الْمُتَّقِينَ. أي: الأخلّة المصادقين في الله، فإنها الخُلة الباقية؛ لأن خُلتهم في الدنيا لمَّا كانت لله، وفي الله، بقيت على حالها؛ لأن ما كان لله دام واتصل، وما كان لغير الله انقطع وانفصل، بل تزداد خُلتهم بمشاهدة كل واحد منهم بركة خُلتهم من الثواب، ورفع الدرجات. اهـ.
وفي تفسير الزمخشري: إلا خلة المتصادقين في الله، فإنها الخلة الباقية المزدادة قوة إذا رأوا ثواب التحاب في الله تعالى، والتباغض في الله. وقيل إلا المتقين إلا المجتنبين أخلاء السوء. اهـ.
وأما تفسيرها بالمجتنبين لأخلاء السوء، فقد جاءت في تفسير الزمخشري كما مر قريبا؛ ولعله لأجل لمح هذا المعنى كان المناسب ذكر لفظ (المتقين) دون غيره من الألفاظ كالمؤمنين ونحوه.
ومما ورد يعلم أن كلمة المتقين هنا في هذه الآية شاملة لكل مؤمن ومسلم تحابا في الله وتصادقا فيه.
وأما الفرق بين المتقي والمؤمن والمسلم: فإن تحديد الفرق بين المؤمن والمسلم ينبني على تحديد الفرق بين الإسلام والإيمان، والقاعدة عند العلماء: أنهما إذا اجتمعا افترقا، وإذا افترقا اجتمعا.
فإذا ورد الإسلام والإيمان في نص واحد، كان معنى الإسلام: الأعمال الظاهرة. ومعنى الإيمان: الاعتقادات الباطنة، كقوله تعالى: قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْأِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ. [الحجرات:14].
أما إذا ذكر الإسلام وحده، دخل في معناه الإيمان، كقوله تعالى: إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلامُ. [آل عمران:19].
وإذا ذكر الإيمان وحده دخل فيه الإسلام، كقوله تعالى: وَمَنْ يَكْفُرْ بِالْأِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ. [المائدة:5].
وأما المتقي؛ فجاء في التعريفات للجرجاني: المتقي: الذي يؤمن ويصلي ويزكي على هدًى، وقيل: إن المتقي، هو الذي يفعل الواجبات بأسرها، والمراد بالواجبات ههنا، أعم من كونه ثبت بدليل قطعي، كالفرض، أو بدليل ظني. اهـ.
وفي مفردات القرآن للفراهي: فالمتقي: من أُشِربَ قلبهُ تعظيمَ الرب وخوفَ سخطه ونتائج الإثم. اهـ.
والله أعلم.
يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني