السؤال
آتي إلى البيت في الإجازات بحكم أني أدرس في محافظة أخرى، وأمي تربي دواجن على سطح بيتنا، وهي المتكفلة بذلك، حين عودتي للمنزل لاحظت أنها لم تذهب تطعمها، ونسيت بعدها أن أسألها، وأنا لا أشغل بالي بالدواجن؛ لأني أعرف أن أمي هي المعنية بها، وأنها إن لم تذهب تطعمها ستطلب مني أو من إخوتي.
لاحظت ذلك مرة أخرى، فذهبت أُطعمها، وجدتها في حالة سيئة، لا ماء ولا طعام عندها، ولا نظافة.
نظفت المكان، ووضعت لها طعاما وشرابا، وكلمت أمي بشأنها، وسافرت. وحين عودتي أخبرتني أختي أنها عرفت أنها لما تطعمها منذ ثلاثة أيام. هذا الأمر يؤلمني، ولا أجد فيها رحمة، أخبرتها أن تذبحهم فرفضت.
تطعمها أياما، وأيام لا، ولا أعتقد أنها تضع ما يشبعها، او يروي عطشها.
فهل أحمل وزرها؟ وماذا عليَّ أن أفعل؟
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن إطعام الحيوانات المحبوسة وسقيها واجب على حابسها من مالك ونحوه لا على غيره، وحد ذلك: أن تنتهي الحيوانات إلى أول شبعها وريها.
جاء في كشاف القناع عن متن الإقناع: (ويلزمه) أي المالك (إطعام بهائمه ولو عطبت و) يلزمه (سقيها حتى تنتهي إلى أول شبعها وريها دون غايتهما) لحديث ابن عمر مرفوعا قال «عذبت امرأة في هرة حبستها حتى ماتت جوعا لا هي أطعمتها، ولا هي أرسلتها تأكل من خشاش الأرض» متفق عليه (ويلزمه) أي مالك البهيمة (القيام بها والإنفاق عليها وإقامة من يرعاها أو نحوه) ؛ لأن بقاءها بغير ذلك تعذيب لها. (و) يجب (على مقتني الكلب المباح) وهو كلب صيد وماشية وزرع (أن يطعمه) ويسقيه (أو يرسله) لأن عدم ذلك تعذيب له. (ولا يحل حبس شيء من البهائم لتهلك جوعا) أو عطشا لأنه تعذيب ولو غير معصوم؛ لحديث: «إذا قتلتم فأحسنوا القتلة» .اهـ. باختصار.
وفي الموسوعة الفقهية الكويتية: يجوز حبس حيوان لنفع، كحراسة وسماع صوت وزينة، وعلى حابسه إطعامه وسقيه لحرمة الروح، ويقوم مقامه التخلية للحيوانات لترعى وترد الماء إن ألفت ذلك، فإن لم تألفه فعل بها ما تألفه، لقول الرسول صلى الله عليه وسلم: عذبت امرأة في هرة سجنتها حتى ماتت فدخلت فيها النار، لا هي أطعمتها وسقتها إذ حبستها، ولا هي تركتها تأكل من خشاش الأرض فإن امتنع أجبر على بيعه أو علفه أو ذبح ما يذبح منه. فإن لم يفعل ناب الحاكم عنه في ذلك على ما يراه. وهذا رأي الشافعية والحنابلة، وهو الرأي الراجح عند الحنفية والمالكية .اهـ.
فالإطعام واجب على والدتك، وليس واجبا عليك، ولا إثم عليك فيما تفعله والدتك، وإنما الذي عليك هو مناصحة والدتك بأسلوب حسن يناسب مقام الأم وما لها من بر، وتذكيرها بخطورة حبس الحيوانات، والتقصير في إطعامها، وما جاء فيه من الوعيد الشديد -الذي تقدم ذكره-.
والله أعلم.