السؤال
أنا شاب أعمل أجيرًا عند أحد الحرفيين، وبينما كنا نعمل في إحدى الورش، طلب مني مَنْ أعمل عنده أن آخذ بعضًا من مواد البناء وأضعها في شاحنته، أي: سرقتها من الورشة لصالحه؛ حيث إنني لم آخذ منها لنفسي، ولم أستهلك منها سيئًا، وأخذها كلها لنفسه.
بعد أيام ندمت، وطلبت منه أن يخبر صاحب الورشة بما أخذناه، فأجابني بأنه -إن شاء الله- سيخبره متى سنحت الفرصة، وبعد أشهر تذكّرت الموضوع، وسألته إذا كان أخبر صاحب الورشة، فأجابني بأنه لم يفعل بحجة أنه لم تسنح الفرصة بأن يلتقي بصاحب الورشة، وأنه بقي له حق عند صاحب الورشة يساوي تقريبًا ما أخذ من مواد البناء، مع العلم أنني ندمت، وتبت، واستغفرت الله على ما فعلت، ونصحت مَن كنت أعمل عنده أن يعيد ما أخذ، فهل عليَّ شيء تجاه صاحب الورشة، مثل إعادة ما أخذ منه؟ وهل أعيده أنا أم يعيده مَن كنت أعمل عنده؟ لأنني فعلت ذلك بأمر منه، وهل أنا بريء، والذنب على من كنت أجيرًا عنده؟ أفتوني في أمري، جزاكم الله خيرًا.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله أن يتقبل توبتك، وأن يمحو حوبتك.
واعلم أن من شروط التوبة مما فيه مظلمة للعباد - كالسرقة، ونحوها - التحلل من صاحب الحق، بردّ حقّه إليه، أو عفوه، ومسامحته عن حقّه.
والمشتركون في السرقة كل واحد منهم ضامن لجميع المسروق، كما سبق بيانه في الفتوى: 63255.
وعليه؛ فأنت ضامن لتلك المواد بمشاركتك لصاحب عملك في أخذها.
فالواجب عليك أن ترد مثل تلك المواد -إن كان لها مثل-، أو قيمتها -إن لم يكن لها مثل- إلى صاحب الورشة، إن لم يردها صاحب العمل، أو تطلب من صاحب الورشة أن يسامحك. فإن فعل، فقد برئت ذمتك.
ويحسن التنبيه إلى أنه لا يشترط في رد الحق لصاحبه إعلامه بذلك، بل يكفي إيصاله إليه بأي طريق.
وللمرء كذلك أن يطلب العفو والصفح من صاحب الحق، ولو دون أن يخبره بنفسه -كأن يرسل له رسالة بأن شخصًا أخذ منه شيئًا بغير حق، ويطلب منه العفو-، فإن سامح، فقد برئت الذمة بذلك أيضًا، وراجع في بيان ما تقدم الفتوى: 270721.
والله أعلم.