السؤال
ما التفسير الصحيح للآية 24 من سورة يوسف؟ وما حكم الشهوة عند قراءة تفسيرها؟ علمًا أن الشخص كاره لها، ولا يرغب بمثل هذا الشعور.
ما التفسير الصحيح للآية 24 من سورة يوسف؟ وما حكم الشهوة عند قراءة تفسيرها؟ علمًا أن الشخص كاره لها، ولا يرغب بمثل هذا الشعور.
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإن الآية التي سألتِ عنها هي قوله تعالى: وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا لَوْلَا أَنْ رَأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ {يوسف:24}، وقد تكلم علماء التفسير على هذه الآية, وسنذكر بعض كلامهم باختصار:
جاء في تفسير القرطبي: قال القشيري أبو نصر: وقال قوم: جرى من يوسف هم، وكان ذلك الهم حركة طبع من غير تصميم للعقد على الفعل، وما كان من هذا القبيل، لا يؤاخذ به العبد.
وقد يخطر بقلب المرء وهو صائم شرب الماء البارد، وتناول الطعام اللذيذ، فإذا لم يأكل ولم يشرب، ولم يصمم عزمه على الأكل والشرب، لا يؤاخذ بما هجس في النفس، والبرهان صرفه عن هذا الهم؛ حتى لم يصر عزمًا مصممًا. قلت: هذا قول حسن، وممن قال به الحسن. اهـ.
وقال الصابوني في مختصر تفسير ابن كثير: اختلفت أقوال الناس وعباراتهم في هذا المقام، فقيل: المراد بهمّه بها خطرات حديث النفس، حكاه البغوي عن بعض أهل التحقيق؛ ثم أورد البغوي ها هنا حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يقول الله تعالى: إذا همّ عبدي بحسنة، فاكتبوها له حسنة، فإن عملها، فاكتبوها له بعشر أمثالها، وإن هم بسيئة فلم يعملها، فاكتبوها حسنة، فإنما تركها من جرائي، فإن عملها، فاكتبوها بمثلها". (هذا الحديث مخرج في الصحيحين، وله ألفاظ كثيرة منها هذا، قاله ابن كثير).
وقيل: همّ بضربها، وقيل: تمناها زوجة؛ وقيل: همّ بها لولا أن رأى برهان ربه، أي: فلم يهم بها. حكاه ابن جرير، وغيره، فكأن في الآية تقديمًا وتأخيرًا: أي لولا أن رأى برهان ربه لهمّ بها، فلم يقع الهمّ لوجود البرهان، وهو عصمة الله عز وجل له.
وأما البرهان الذي رآه، ففيه أقوال أيضًا، قيل: رأى صورة أبيه يعقوب عاضًّا على إصبعه بفمه؛ وقيل: رأى خيال الملك، يعني سيده.
وقال ابن جرير عن محمد بن كعب القرظي، قال: رفع يوسف رأسه إلى سقف البيت، فإذا كتاب في حائط البيت: {لا تقربوا الزنى إنه كان فاحشة ومقتًا وساء سبيلًا}؛ وقيل: ثلاث آيات من كتاب الله: {إن عليكم لحافظين} الآية، وقوله: {وما تكون في شأن} الآية، وقوله: {أفمن هو قائم على كل نفس بما كسبت}.
قال ابن جرير: والصواب أن يقال: إنه رأى آية من آيات الله تزجره عما كان همّ به، وجائز أن يكون صورة يعقوب، وجائز أن يكون صورة الملك، وجائز أن يكون ما رآه مكتوبًا من الزجر عن ذلك. ولا حجة قاطعة على تعيين شيء من ذلك، فالصواب أن يطلق، كما قال الله تعالى.
وقوله: {كذلك لنصرف عنه السوء والفحشاء}: أي: كما أريناه برهانًا صرفه عما كان فيه، كذلك نقيه السوء والفحشاء في جميع أموره، {إنه من عبادنا المخلصين}: أي من المجتبين المطهرين المختارين المصطفين الأخيار، صلوات الله وسلامه عليه. اهـ.
وبخصوص الشعور المذكور، فلا يأثم المرء به. فما يعرض للإنسان من الوساوس والأفكار، لا يؤاخذ به، ما لم يعزم على فعل المحرم.
أما مجرد الوسوسة والخاطرة -سواء كانت من حديث النفس، أم من وسوسة الشيطان-، فلا مؤاخذة بها، وانظري الفتوى: 398836.
والله أعلم.
يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني