السؤال
توفي والدي -رحمه الله- منذ شهرين، ونحن الورثة ثلاثة إخوة ذكور فقط، وأمي، وقبل وفاته بعام قام بكتابة شقة الأسرة لي؛ لأني لا أملك شقة، ووضع شرط حق الرقبة لأمي، وسعر الشقة الآن هو مليون و100 ألف جنيه، وقام أبي بمساعدة أخي الصغير في شراء شقة منذ خمسة أعوام، وقام بدفع ما يقرب من 70% من ثمن الشقة، والباقي دفعه أخي الصغير، وقام بفرشها على المفتاح له، وثمن الشقة الآن هو 400 ألف جنيه، وقام أبي بشراء شقة لأخي الكبير، وقام بفرشها بالكامل، وتجهيزها منذ 16 عامًا، وثمنها الآن 800 ألف جنيه، وعندما سألت أبي: ماذا أفعل مع أخي الصغير عندما أمتلك الشقة؟ قال لي: راضِه فقط، وعندما سألت أخي الصغير بعد وفاة أبي: كيف أراضيك؟ قال: أعطني ثلث شقتك، وهي الشقة التي كتبها لي أبي، وتعيش فيها أمي، ولها حق الرقبة، وأخي الصغير متزوج منذ عشرة أعوام، ويعيش في الخليج، وقد تزوج دون علم أبي وأمي، ولكنهم اكتشفوا بعد ذلك، ولم ينجب أولادًا، وأخي الكبير متزوج، وعنده أولاد منذ 16 عامًا، وأنا متزوج منذ ثمانية أعوام، ولي أولاد، وأعيش في الغرب، فكيف أراضي أخي؟
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فغفر الله لموتانا، وموتاكم، وسائر موتى المسلمين.
وجوابنا عن سؤالك يتلخص فيما يلي:
أولًا: كتابة والدك للشقة باسمك: إن كان المقصود أن تستلمها بعد مماته؛ فهذه الكتابة في معنى الوصية، وكذا شرطه أن تكون رقبة الشقة لأمك -هذا يُفهمُ منه أن ما أوصى به لك في الشقة هو حق الانتفاع، لا التملك- تعد وصية لوارث، ومن المعلوم أنك وأمّك وارثان، والوصية للوارث ممنوعة شرعًا، ولا تمضي إلا برضا الورثة، فإذا لم يرضوا بإمضائها بعد وفاة الوالد، فإن الشقة ترجع إلى التركة، وتُقسم بين جميع الورثة القسمة الشرعية، ويشترط لصحة رضا الوارث بإمضاء الوصية في نصيبه أن يكون بالغًا رشيدًا، وانظر الفتوى: 121878، والفتوى: 170967. وكلاهما عن الوصية للوارث.
ولو أراد والدك بتلك الكتابة أن تكون الشقة هبة لك في حياته، ولكن لم تستلم تلك الشقة حتى مات، فإن الهبة تبطل بموت الواهب قبل قبضها، كما بيناه في الفتوى: 426328.
ثانيًا: المال الذي دفعه والدك في شراء شقة لكلٍّ من أخويك وتأثيثها: إن كان دفعه له على سبيل القرض، فهو دين على أخيك، ويرده إلى التركة، ويقسم بين جميع الورثة، وإن كان دفعه على سبيل التبرع، فهذه هبة، ويُنظر فيها من حيث كون الوالد عدل فيها، أو لم يعدل، فإن عدل بأن أعطى بقية أولاده -ذكورًا وإناثًا- هبة يتحقق بها العدل، فذاك.
وإن لم يعدل، فبموته تصير الهبة لهما ماضية، ولا يجب عليهما رد ما أخذاه إلى التركة، ويرى بعض أهل العلم أن الهبة الجائرة ترد إلى التركة، ولو بعد موت الواهب، وهذا أقرب إلى العدل؛ إذ ليس من المعقول أن ينفرد كل واحد منهما بالشقة الموهوبة له، ثم يعود ويقاسم بقية الورثة في الشقة الموروثة أيضًا. وانظر الفتوى: 332782.
ثالثًا: عند اختلاف الورثة يرجعُ إلى المحكمة الشرعية إن كانت، أو مشافهة من يصلح للقضاء من أهل العلم، إن لم توجد محكمة شرعية.
والله أعلم.