السؤال
أعمل مقاولًا، وقد تقدمت بعرض سعر لمشروع صغير، وقبل أن أقدم عرض السعر، كانت عندي قائمة بأسعار المقاولين الذين قدموا قبلي عن طريق مساعد مدير المشروع، وقال لي: هذه هي الأسعار المقدمة لنا. وبناء على ذلك، قمت بتسعير المشروع، وكان سعري متقاربًا مع بقية المقاولين، فإذا أخذت المشروع في هذه الحالة، فهل أكون قد ارتكبت إثمًا، أو كسبت حرامًا؟
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فالظاهر أن المشروع المذكور، مناقصة، ومقتضاها أن يعرض المقاولون أسعارهم وخدماتهم، ويتنافسون في الفوز بها.
وإذا كان الأمر كذلك، فإفشاء مساعد المدير لسر العروض المقدمة، وإخبارك به، يعد من الخيانة لجهة عمله؛ لأنك لو لم تعلم بالأسعار التي عُرِضَتْ قبلك، لربما عرضْتَ سعرًا أقل منها بكثير، ويكون بذلك الموظف قد فوّت هذه المصلحة على جهة عمله، بكشفه للأسعار المعروضة، وتلك خيانة محرمة؛ قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ {الأنفال:27}.
كما أن إطلاعه لك على عروض باقي المقاولين، فيه ظلم لهم، فلو لم تعلم بعروضهم، لربما عرضْتَ سعرًا أعلى مما عرضوا، فيفوز أحدهم بالمناقصة.
ومن هنا يكون ذلك العمل منه ظلمات بعضها فوق بعض، فلا يجوز له ذلك.
وطلبك لذلك منه محرم أيضًا، وقد قال تعالى: وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ {المائدة:2}.
والأصل في المناقصات أن يترك الأمر فيها للمنافسة الحرة المفضية إلى إبراز الجودة في العمل، والأقل في الثمن.
ولكن لو اختير عرضك، حتى ولو مع ما ذكرت، وتوليت تنفيذ المشروع على الوجه المطلوب، فلك الانتفاع بما تكسبه منه، مع التوبة إلى الله تعالى، وكثرة الاستغفار.
ولا يلزمك أن تتخلص من بعض ما كسبت، ولا أن تدفع شيئًا لأولئك المقاولين؛ إذ لم يثبت لأحد منهم حق بالفعل في هذه الصفقة، فقد لا ترسو على أحد منهم أصلًا.
والله أعلم.