السؤال
أنا أعمل محاميًا، وموكّل لدى تاجر، وعليه بعض الديون بسبب عمله، وهو يخشى أن يتوفاه الله قبل إتمام السداد، ويتأخر ورثته الشرعيون عن السداد، أو ألا يقوموا بالسداد، خصوصًا أن الديون غير مكتوبة، والموكل يريد أن يكتب عقود بيع محلات، وشقق بمنزله للدائنين، وأحتفظ بها بمكتبي على سبيل الأمانة، وفي حالة وفاته أطلب أولًا من ورثته سداد تلك الديون من تركة والدهم، وفي حالة تأخرهم أو المماطلة أسلم تلك العقود إلى الدائنين، وهذه العقود معلّقة على شرط فاسخ صريح؛ بحيث لو قام الورثة بسداد الدين يفسخ العقد، وترد العقارات إلى الورثة، ولا يحق للدائنين المطالبة بأي فرق أسعار يطرأ على العقار، فهل تبرأ ذمة موكلي من هذا الدين بمجرد أن يستلم الدائن العقد؟ أم سيظل الدين معلقًا إلى أن يقوم الورثة بالسداد؟
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فينبغي لموكلك أن يوثّق الديون لأصحابها بالإشهاد، والكتابة، فقد ذهب بعض العلماء إلى وجوب ذلك -وإن كان جمهورهم على الاستحباب-، وانظر في هذا الفتوى: 125884.
وإن أراد موكلك التعجيل بإبراء ذمته، فليفعل ذلك، وليسرع ما استطاع إلى ذلك سبيلًا -وإن لم يطالبه الدائنون بديونهم-.
فإن لم يمكنه ذلك، فليرهن من ماله للدائنين ما يمكنهم أن يستوفوا دينهم منه، إن امتنع الورثة من قضاء الدين، والمدين إذا ترك رهنًا عند دائنيه، فإن ذمته تبرأ من عهدة الدين بلا إشكال، قال الشيخ ابن عثيمين: ما دام هناك رهن، فالميت بريء من الدين، ويدل على هذا أن النبي صلى الله عليه وسلم مات وعليه دين لرجل من اليهود، وقد أعطاه درعه رهنًا، فهل نقول إن نفس الرسول صلى الله عليه وسلم معلقة بالدين؟ لا؛ لأنه قد رهنه شيئًا يمكنه الاستيفاء به منه. انتهى من شرح رياض الصالحين.
وأما المعاملة التي شرحتها؛ فلا تنطبق عليها شروط الرهن -والتي بيناها في الفتوى: 164565-، ولا يتحقق بها مقصود الرهن أصلًا، فهي ليست بعلم الدائنين، ولا تصرف لهم فيها أصلًا، بل التصرف فيها لك، وما يرد على الورثة من احتمال التفريط في قضاء دين مورثهم يرد عليك أيضًا في إيصال تلك العقود إلى الدائنين بعد موت المدين.
وراجع لمزيد من الفائدة الفتاوى: 350035، 414490، 193983.
والله أعلم.