السؤال
أكد الشرع على بر الوالدين، وخاصة إذا بلغوا الكبر. سؤالي: ما هو الكبر المراد في الشرع؟ ومتى يبدأ؟ هل الأب ذو الستين أو السبعين سنة يعد كبيرا؟
أكد الشرع على بر الوالدين، وخاصة إذا بلغوا الكبر. سؤالي: ما هو الكبر المراد في الشرع؟ ومتى يبدأ؟ هل الأب ذو الستين أو السبعين سنة يعد كبيرا؟
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالله تعالى قد أمر بالإحسان إلى الأبوين، وإكرامهما في جميع مراحل حياتهما، وأكد على ذلك إذا وصلا فترة الضعف والشيخوخة، وهي الفترة التي تكون حاجتهما إلى الرعاية واللطف أكثر، حيث قال تعالى: وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا {الأحقاف:15}، وقال أيضا: وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا {لقمان:15}.
قال الخازن في تفسيره: إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُما أَوْ كِلاهُما. معناه: أنهما يبلغان إلى حالة الضعف والعجز، فيصيران عندك في آخر العمر، كما كنت عندهما في أول العمر. اهـ
وفي السراج المنير للخطيب الشربيني: {يبلغن عندك الكبر} أي: كأن يضطرا إليك في حالة الضعف والعجز، فلا يكون لهما كافل غيرك، فيصيران عندك في آخر العمر، كما كنت عندهما في أوّله. اهـ
وقال السعدي في تفسيره: {إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاهُمَا} أي: إذا وصلا إلى هذا السن الذي تضعف فيه قواهما، ويحتاجان من اللطف والإحسان ما هو معروف. اهـ
وفي تفسير القرطبي: قوله تعالى: (إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما) خص حالة الكبر لأنها الحالة التي يحتاجان فيها إلى بره لتغير الحال عليهما بالضعف والكبر، فألزم في هذه الحالة من مراعاة أحوالهما أكثر مما ألزمه من قبل، لأنهما في هذه الحالة قد صارا كَلًّا عليه، فيحتاجان أن يلي منهما في الكبر ما كان يحتاج في صغره أن يليا منه، فلذلك خص هذه الحالة بالذكر. اهـ
وبناء على ما سبق, فالذي يظهر أن الكِبَر المذكور في حق الوالدين ليس له سن معين, بل الضابط فيه؛ الضعف والحاجة إلى البِر, واللطف, والإحسان.
والله أعلم.
يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني