السؤال
سأذكر لحضراتكم بعض الكلمات، وأريد أن أعرف أيّ هذه الكلمات تعتبر من كنايات الطلاق، ولكن بشرط أن تكون متفقًا عليها من جمهور الفقهاء؛ حيث إنني قرأت في موقعكم أن لفظ: (السلام عليكم)، و(في حفظ الله) من كنايات الطلاق، فتعجبت كثيرا؛ لأن الذي تعلمته من موقعكم المبارك أن ألفاظ كنايات الطلاق هي الألفاظ التي تدل على الفراق.
وإليكم الكلمات وهي: (روحي، واذهبي، واخرجي، والسلام عليكم، ومع السلامة، وفي حفظ الله، وأنت حرة).
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأكثر أهل العلم على أنّ الطلاق يقع باللفظ الصريح وبالكناية -وهي اللفظ الذي يحتمل الطلاق وغيره- إذا نوى بها إيقاع الطلاق.
قال ابن قدامة -رحمه الله- في المغني: إذا ثبت أنه يعتبر فيه اللفظ، فاللفظ ينقسم فيه إلى صريح وكناية، فالصريح يقع به الطلاق من غير نية، والكناية لا يقع بها الطلاق حتى ينويه، أو يأتي بما يقوم مقام نيته. انتهى.
وجاء في الموسوعة الفقهية الكويتية: ولا خلاف بين جمهور الفقهاء في أن الطلاق يقع بالكناية مع النية. انتهى.
وبخصوص الألفاظ التي ذكرها السائل؛ فإنّ ألفاظ : "روحي، واذهبي، واخرجي، وأنت حرة" كنايات طلاق عند جماهير الفقهاء.
ففي المذهب الحنفي جاء في بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع عند بيان كنايات الطلاق: أنت حرة، قومي، اخرجي، اغربي، انطلقي، انتقلي، تقنعي، استتري، تزوجي، ابتغي الأزواج، الحقي بأهلك، ونحو ذلك. انتهى.
وفي المذهب المالكي جاء في التاج والإكليل لمختصر خليل: من الكنايات المحتملة: اذهبي، وانطلقي، وانصرفي، وما أشبه ذلك، فيقبل منه ما يدعيه من إرادة الطلاق، أو غيره، والثلاث فدونها، ويلحق بالكنايات المحتملة قوله: أنت حرة. انتهى.
وفي المذهب الشافعي جاء في منهاج الطالبين وعمدة المفتين في الفقه: وكنايته كأنت خلية، برية، بتة، بتلة، بائن، اعتدِّي، استبرئي رحمك، الحقي بأهلك، ... اعزبي، اغربي، دعيني، ودِّعيني، أو نحوها. انتهى.
وفي روضة الطالبين وعمدة المفتين: قال لزوجته: أنت حرة، أو معتقة، أو أعتقتك، ونوى الطلاق، طلقت. انتهى.
وفي المذهب الحنبلي جاء في زاد المستقنع في اختصار المقنع: وكناياته؛ فالظاهرة نحو: أنت خلية، وبرية، وبائن، وبتة، وبتلة، وأنت حرة، وأنت الحرج. والخفية نحو: اخرجي، واذهبي، وذوقي، وتجرعي، واعتدِّي، واستبرئي، واعتزلي، ولست لي بامرأة، والحقي بأهلك، وما أشبهه. انتهى.
وأما لفظ: "السلام عليكم" فهو كناية طلاق عند الشافعية، قال النووي -رحمه الله- في منهاج الطالبين: وكنايته كأنت خلية، برية، بتة، بتلة، بائن، اعتدى، استبرئي رحمك، الحقي بأهلك... أو نحوها. انتهى.
وجاء في حاشيتي قليوبي وعميرة: قوله: (أو نحوها) منها تقنعي، تستري، برئت منك، الزمي الطريق، أو الزمي أهلك، لا حاجة لي بك، أو فيك، أنت وشأنك، أنت ولية نفسك، سلام عليك، أو السلام عليك، أو سلامي عليك. انتهى.
وأما لفظ: "مع السلامة" ولفظ: "في حفظ الله" فلم نقف على كلام الفقهاء بخصوصهما، والظاهر لنا -والله أعلم- أنهما تصلحان كناية طلاق إن كان سياق الكلام يقتضي ذلك، وإلا فلا.
والله أعلم.