السؤال
نسمع أن من وجد مالا وقام بإرجاعه لصاحبه، فإنه يأخذ 10% من المبلغ.
السؤال:
1) أريد أن أعرف هل يتوافق هذا مع الشرع، وهذه الأموال التي أخذها حلال ولها سند شرعي، أم له سند قانوني؟
2) إذا قال أحد الأفراد إنني لن أرد لك المال حتى تعطيني جزءا منه. هل هذا حلال أم حرام؟
3) إذا رددت المال إلى صاحبه ولم أطلب منه شيئا، ولم أجبره على دفع شيء لي، ولم ألمح له بذلك، لكنه هو وبكامل إرادته قام وأعطاني جزءا من المال الذي رددته له، أو أعطاني هدية. فهل يجوز لي أن آخذ وأقبل المال والهدية؟
4) هل أخذي المال والهدية ينقص من أجري وثوابي، وحسناتي عند الله عز وجل؟
وجزاكم الله -عز وجل- خيرا.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن وجد مالا وأرجعه لمالكه، فإنه مثاب -إن شاء الله- بعمله هذا، ولكنه لا يستحق عوضا محددا يطالب به من حيث الأصل. فإن الشرع جاء بحفظ حقوق الناس، وحرم أخذ شيء من أموالهم إلا بطيب نفس منهم، أو بوجه حق يجيز ذلك؛ قال تعالى: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ {النساء:58}، وقال تعالى: فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ {البقرة:279}.
وإنما يستحب للمالك رد الإحسان لمن أرجع عليه ماله بما يتيسر؛ قال صلى الله عليه وسلم: من صنع إليكم معروفا فكافئوه، فإن لم تجدوا ما تكافئونه، فادعوا له حتى تروا أنكم قد كافأتموه. رواه أبو داود وصححه الألباني.
والحكم بأخذ عُشر اللقطة المرجعة لصاحبها بشكل مطلق من دون ما يوجب ذلك شرعا، من أكل أموال الناس بالباطل، ولو كان القانون ينص على ذلك؛ قال تعالى: وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقًا مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْإِثْمِ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ {البقرة:188}.
وذكر ابن قدامة في المغني: ومن رد لقطة أو ضالة، أو عمل لغيره عملا غير رد الآبق، بغير جعل، لم يستحق عوضا. لا نعلم في هذا خلافا؛ لأنه عمل يستحق به العوض مع المعاوضة، فلا يستحق مع عدمها. اهـ.
ومثله القول في اشتراط الملتقط على صاحب اللقطة جزءا من المال؛ ليسلمها إليه، فهو من الغصب لأموال الناس بغير حق. والمأمور به شرعا هو تسليمها لصاحبها؛ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم عن اللقطة في الحديث الذي رواه زيد بن خالد الجهني: اعرف عفاصها ووكاءها، ثم عرفها سنة، فإن جاء صاحبها، وإلا فشأنك بها. متفق عليه.
ويستثنى من هذا الأصل ما يثبته حق شرعي كمن كلفه القاضي بأن ينفق على هذه اللقطة حتى يأتي صاحبها، أو من وجد اللقطة بعد أن سمع عن جائزة لمن أحضرها جعالة من مالكها.
واختلف أهل العلم في المسائل التي تستثنى من هذا الأصل، وتفصيلها مذكور في كتب أهل العلم.
وأما إذا أعطاك مالك اللقطة ما يشاء من تلقاء نفسه، فلا حرج في قبوله على أن لا يكون ذلك لكونه ملزما بدفعه، وقد سبق بيانه في الفتوى: 109354.
وأما نقصان الأجر بقبول الهدية أو المال على ذلك، فمن فعل الطاعة طلبا لمرضاة الله، ثم أعطي له شيء بعد ذلك، فلا يضره -إن شاء الله- ففي الحديث المتفق عليه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يعطي عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- العطاء، فيقول له عمر: أعطه يا رسول الله أفقر إليه مني. فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: خذه فتموله، أو تصدق به. وما جاءك من هذا المال وأنت غير مشرف، ولا سائل، فخذه، وما لا، فلا تتبعه نفسك.
والله أعلم.