السؤال
عن جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما- أن عمر بن الخطاب أتى النبي صلى الله عليه وسلم بكتاب أصابه من بعض أهل الكتاب، فقرأه النبي صلى الله عليه وسلم، فغضب فقال: أمتهوكون فيها يا ابن الخطاب! والذي نفسي بيده، لقد جئتكم بها بيضاء نقية، لا تسألوهم عن شيء فيخبروكم بحق، فتكذبوهم به، أو بباطل فتصدقوا، والذي نفسي بيده، لو أن موسى -صلى الله عليه وسلم- كان حيًّا، ما وسعه إلا أن يتبعني."
عندي أسئلة عن هذا الحديث:
1- هل كان النبي يستطيع القراءة؟ "فقرأه النبي صلى الله عليه وسلم، فغضب".
2- لماذا لم يحفظ الله التوراة والإنجيل من التحريف مثلما حفظ القرآن، وهما كتابان من عنده أيضًا مثل القرآن؟ بل قرأت أيضا أن الله كتب التوراة بيده، فكيف لم يحفظ شيئًا كتبه بيده؟ ولماذا تركهم يحرفون كتبًا سماوية لها منزلتها، ومكانتها؟ أليس هذا تقليلًا منها؟
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فأما السؤال الأول: فجوابه في تصحيح سياق الرواية، فاللفظ الذي بنى عليه السائل سؤاله جاء في بعض النسخ المطبوعة من المسند، والصواب في لفظه: "فقرأه على النبي صلى الله عليه وسلم"، كما جاء في طبعة مؤسسة الرسالة التي اعتمدت على عدة مخطوطات، بإشراف الشيخ شعيب الأرناؤوط، وجاء في هامشها: لفظة (على) سقطت من (م). اهـ. و(م) رمز للطبعة الميمنية.
وهذا هو الصواب، وبهذا اللفظ: "فقرأه على النبي صلى الله عليه وسلم"، نقله من المسند جماعة من أهل العلم، كابن حجر في أطراف المسند، وفي المطالب العالية، وابن كثير في تفسيره، وفي قصص الأنبياء، وقال: تفرد به أحمد، وإسناده على شرط مسلم. اهـ.
وهناك روايات أخرى تؤكد أن القارئ ليس هو النبي صلى الله عليه وسلم، وإنما عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-، ومنها ما أورده الحافظ ابن كثير في «مسند الفاروق» بلفظ: فلمَّا أَتيتُ به، قال: «اجلس، اقرأ عليَّ»، فقرأتُ ساعةً، ثم نَظَرتُ إلى وجهه، فإذا هو يتلَّون ... الحديث.
وعلى أية حال؛ فهناك روايات أخرى استدلّ بها بعض أهل العلم على أن النبي صلى الله عليه وسلم تعلّم القراءة بعد النبوة، والصواب خلافه، وراجع في ذلك الفتوى: 78544.
وأما السؤال الثاني، فراجع في جوابه الفتويين: 50460، 127613.
والله أعلم.