السؤال
لا أستطيع أن أنسى من أحب بعد ما تزوج من غيري، وهو أيضا كان يحبني، وقد تعلمت منه كل أمور الدين، وكان يقلد كل أصوات القُرَّاء، وهو شخصية عامة ومشهور، وكل شيء يذكِّرني به، حتى بعد أن تزوج لا زلت أأمل أن يعود، ويتزوجني، وتحدثني نفسي ربما قد يحدث الله بعد ذلك أمرا، ولا أستطيع أن أتخيل أنني سأكون لشخص آخر، وأنه قد يوجد من هو خير منه.
وأعلم قصة أم سلمة، ولكن أم سلمة تأدبت عند القضاء، ولكنني سخطت بعض الشيء؛ لدرجة أنني لا أزال أدعو الله سِرًّا، وأخبره بأنني لا زلت أحبه حتى بعد ما تركني، ولا زلت أحب له الخير، ولكن الجميع يقولون لي هو لا يحبك؛ لأنه كان بوسعه اختيارك، ولم يفعل، ويجب أن تنسيه؛ لأنه أصبح لغيرك، وتفكري في شخص جديد، وتكملي حياتك مثلما فعل.
وعندما أتخيل ذلك أقول لن أستطيع أن أكون مخلصة لشخص آخر، وأقول في نفسي ربما قد يحدث شيء لزوجته في المستقبل، أو يتزوجني أنا أيضا معها. مع أن أهلي لن يرضوا بذلك، ولا أعلم هل يعتبر هذا من تمني الشر للآخرين؟ وهل يصح ما أفعل؟ أم يجب التوقف عن هذا التفكير، وأن أصغي لكلامهم، وأنا لا أستطيع ذلك؟
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله تعالى أن ييسر أمرك، ويرزقك الزواج من رجل صالح، يعينك على أمر دينك ودنياك، ويكفيك أن تتضرعي لربك، وتسأليه حاجتك، فهو أعلم بما فيه مصلحتك، ففوضي أمرك إليه، فهو القائل سبحانه: وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ {البقرة:216}.
ومن هنا شرعت الاستخارة عندما يهم المسلم بكل أمر مباح، فيتبرأ من الحول والقوة، ويعتمد على حول الله وقوته، ليختار له الأصلح، وراجعي في الاستخارة الفتوى: 19333.
وقد ثبت في سنن ابن ماجه عن ابن عباس، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: لم ير للمتحابين مثل النكاح. وفي هذا حث للمتحابين للزواج، فإن وجدت سبيلا للزواج من هذا الرجل الذي أحببته، فذاك، وإلا فلا تتبعيه نفسك، فإنك لا تدرين أين الخير، فكما أسلفنا لك سلي ربك الخير.
وما ذكرت من كونك لا تتصورين أن تكوني لغيره، وأنه لو قدر زواجك من غيره لا تستطيعين أن تكوني مخلصة له، فقد يكون مجرد أوهام وتسويل من الشيطان؛ ليضيع عليك حياتك، ويفوت عليك الخير، ويصرفك عن الزواج.
وهنالك كثير من الأمثلة لزواج لم يكن عن مثل هذا الحب، وهو زواج موفق، وفي المقابل يتم زواج عن حب عاطفي بين الطرفين قبل الزواج، ويكون مصيره الفشل بسبب انخداع أحدهما بالآخر؛ بسبب ما ظهر له فيه من صفات طيبة، والواقع خلاف ذلك. فدعيه وابحثي عن غيره مستعينة في ذلك ببعض الثقات من أقربائك أو صديقاتك.
وننبهك في الختام إلى الحذر من التسبب في الإفساد بين هذا الرجل وبين زوجته، فهذا من التخبيب الذي ورد فيه الوعيد في الحديث الذي رواه أبو داود عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ليس منا من خبب امرأة على زوجها.
وإن كنت تبوحين لهذا الرجل بحبك له؛ فلا يجوز ذلك؛ لأنه أجنبي عنك.
والله أعلم.