السؤال
أمي تعاملني بقسوة، وتصرخ في وجهي كل يوم، أنا تحديداً، ولا تصرخ في وجه إخوتي، وتقول كلاما مُحبطا وسلبيا كل يوم يجعلني أكرهها وأكره الحياة. ودائما ما تأخذ مني أغراضي مثل الملابس وتعطيها لأخي، وتأخذ القهوة التي أشتريها من مصروفي.
وعندما أطلب منها الملابس: تقول: من أين يا حسرة؟ وتقول كلاما مستفزا، ويحرق الأعصاب؛ لكي تضايقني أكثر. وفي آخر الأمر تصرخ في أذني، وتقول لي: يا فاشل، هذا في الإعدادية ويذاكر، وأنت في الثانوية ولا تذاكر، وتلف وتدور في الشقة.
في الحقيقة كل يوم على هذا الوضع، حتى عندما أحاول أن أتجنبها تأتي وتصرخ في أذني، والله، لقد مللت، ولا أريد أن أتصرف تصرفا خاطئا يغضب ربنا.
ما هي الكيفية الصحيحة التي ينبغي أن أتصرف بها؟
كل يوم نفسيتي تتعب وأغضب، وأتضايق بسببها.
ملاحظة: هي تعاملني أنا هكذا فقط، دون باقي إخوتي.
أتمنى من حضرتكم الإفادة، ولكم جزيل الشكر.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاعلم -وفقك الله- أن حق الأم عظيم، وقد جعل الله تعالى حق الوالدين تاليا لحقه سبحانه، فقال: وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا {النساء:36}.
والنصوص في وجوب بر الوالدين والإحسان إليهما متكاثرة جدا، فعليك أن تحسن إلى والدتك ابتغاء وجه الله -تعالى- وطلبا لرضاه، وأن تتحمل ما يصدر عنها من أفعال تضايقك؛ فإن في صبرك على ذلك الأجر الجزيل، وقد تكون إنما تفعل هذا من منطلق الحب لك والحرص على مصلحتك. فاحرص على أن تلتمس لها المعاذير، وإن وجد نوع خلل في طريقة تعاملها معك، فيمكن إصلاحه بأن تكلم أباك بلين ورفق، وتشرح له ما تكرهه في تعامل أمك معك.
واعلم أنك كلما أحسنت إليها وزدت في برها، ونظرت إلى مصلحتك ومذاكرتك، فأقبلت عليها؛ فإن ذلك يزيد من حبها لك، وعطفها عليك.
وأنت وإن كنت لا تأثم على ما تشعر به من كراهية، وإنما تأثم إذا قمت بعقوقها، لكن ينبغي أن تزيل عنك تلك الكراهية بتذكر قديم إحسانها إليك، وعظيم حقها عليك، وفقك الله وأعانك على ما فيه رضاه.
والله أعلم.