السؤال
حاولت إيذاء شخص رداً على ضغوط نفسية مارسها علي، وأخذت القرار، وبعد ذلك رجعت فيه حتى لا يتعرض للإيذاء، وتبت.
ما الكفارة، مع العلم أنه لم يتعرض للإيذاء تماماً؟
حاولت إيذاء شخص رداً على ضغوط نفسية مارسها علي، وأخذت القرار، وبعد ذلك رجعت فيه حتى لا يتعرض للإيذاء، وتبت.
ما الكفارة، مع العلم أنه لم يتعرض للإيذاء تماماً؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالذي فهمناه من السؤال أن السائل رجع عن قراره، ولم يعمل شيئا مما نواه من محاولة إيذاء هذا الشخص.
فإن كان الأمر كذلك، فمجرد النية أو حتى العزم عليها لا يؤاخذ به المرء ما لم يعمل بها، بل إنه إذا تركها لله -تعالى- كتبت له بهذا الترك حسنة، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من هم بسيئة فلم يعملها، كتبها الله له عنده حسنة كاملة. فإن هو هم بها فعملها، كتبها الله له سيئة واحدة. وقال أيضا صلى الله عليه وسلم: إن الله تجاوز لأمتي عما حدثت به أنفسها، ما لم تعمل به، أو تكلم. رواهما البخاري ومسلم.
وراجع للفائدة، الفتويين: 207415، 273571.
وأما إن كان مراد السائل أنه فعل بعض ما نواه ولم يتمه، فوقع بعض الضرر على هذا الشخص دون تمامه.
فإن كان ذلك ظلما من السائل، وهذا الشخص لا يستحق ما وقع عليه من ضرر، فكفارة ذلك مع التوبة أن يُمَكّن هذا الشخص من القصاص، أو يستحله من مظلمته، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من كانت عنده مظلمة لأخيه، فليتحلله منها، فإنه ليس ثم دينار ولا درهم، من قبل أن يؤخذ لأخيه من حسناته، فإن لم يكن له حسنات، أخذ من سيئات أخيه فطرحت عليه. رواه البخاري. وانظر الفتوى: 371116.
فإن كان لا يستطيع أن يمكنه من القصاص ولا أن يستحله، فليتضرع إلى الله تعالى أن يرضي صاحبه عن مظلمته يوم القيامة، وليكثر له من الاستغفار، وليتبع هذه السيئة بما يوازيها من الحسنات.
وقد ذكر الغزالي في كتاب (منهاج العابدين) كيفية التوبة من الذنوب التي بين العبد وبين الناس، وقال: هذا أشكل، وأصعب. وهي أقسام، قد تكون في المال، أو في النفس، أو في العرض، أو في الحرمة، أو الدين ... اهـ.
ثم ذكر تفصيل ذلك، ونبه على أن الاستحلال يكون إذا لم يخش الظالم زيادة غيظ المظلوم، أو هيج فتنة. وقال: فإن خشيت ذلك، فالرجوع إلى الله -تعالى- ليرضيه عنك، والاستغفار الكثير لصاحبه ... وجملة الأمر، فما أمكنك من إرضاء الخصوم عملت. وما لم يمكنك، راجعت الله -سبحانه وتعالى- بالتضرع، والصدق ليرضيه عنك، فيكون ذلك في مشيئة الله -تعالى- يوم القيامة، والرجاء منه بفضله العظيم، وإحسانه العميم: أنه إذا علم الله الصدق من قلب العبد، فإنّه سبحانه يرضي خُصَمَاءَه من خزانة فضله. اهـ.
والله أعلم.
يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني