السؤال
ما حكم من يغضب، إذا استفزه شخص مثلاً؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالغضب مما لا يكلف الشخص بعدم حصوله، إذ هو أمر قهري، ولكنه يكلف بكظم غيظه وعدم إمضاء غضبه ذاك، والأخذ بالوسائل المشروعة لكي يملك نفسه عند غضبها.
وقد ثبت في الصحيح نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن الغضب، وقوله مرارا لمن استوصاه: لا تغضب. وقد اختلف الشراح في توجيه هذا النهي الكريم.
قال الحافظ ابن حجر في شرح البخاري: قَالَ الْخَطَّابِيُّ: مَعْنَى قَوْله: "لَا تَغْضَب" اِجْتَنِبْ أَسْبَاب الْغَضَب، وَلَا تَتَعَرَّض لِمَا يَجْلِبهُ. وَأَمَّا نَفْس الْغَضَب فَلَا يَتَأَتَّى النَّهْي عَنْهُ؛ لِأَنَّهُ أَمْر طَبِيعِيّ لَا يَزُول مِن الْجِبِلَّة.
وَقَالَ غَيْره: مَا كَانَ مِنْ قَبِيل الطَّبْع الْحَيَوَانِيّ لَا يُمْكِن دَفْعه، فَلَا يَدْخُل فِي النَّهْي؛ لِأَنَّهُ مِنْ تَكْلِيف الْمُحَال، وَمَا كَانَ مِنْ قَبِيل مَا يُكْتَسَب بِالرِّيَاضَةِ فَهُوَ الْمُرَاد.
وَقِيلَ مَعْنَاهُ: لَا تَغْضَب؛ لِأَنَّ أَعْظَم مَا يَنْشَأ عَنْهُ الْغَضَب الْكِبْر؛ لِكَوْنِهِ يَقَع عِنْدَ مُخَالَفَة أَمْر يُرِيدهُ، فَيَحْمِلهُ الْكِبْر عَلَى الْغَضَب، فَاَلَّذِي يَتَوَاضَع حَتَّى يَذْهَب عَنْهُ عِزَّة النَّفْس يَسْلَم مِنْ شَرّ الْغَضَب.
وقيل: معناه لا تفعل ما يأمرك به الغضب... ... وَقَالَ ابْن حِبَّان بَعْد أَنْ أَخْرَجَهُ: أَرَادَ لَا تَعْمَل بَعْد الْغَضَب شَيْئًا مِمَّا نَهَيْت عَنْهُ، لَا أَنَّهُ نَهَاهُ عَنْ شَيْء جُبِلَ عَلَيْهِ وَلَا حِيلَة لَهُ فِي دَفْعه. انتهى.
والحاصل أن على الشخص أن يجاهد نفسه ليدفع عنها أسباب حصول الغضب، وأن يتحلم ما وسعه ذلك، فإذا غلبته نفسه وغضب، فعليه أن يملكها ويقهرها، ولا يُمضي ما يأمره به غضبه.
والله أعلم.
يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني