السؤال
في رمضان هذا، في تاريخ 15 أو 16إبريل (موعد الحيضة المعتادة) بدأت تنزل مني إفرازات صفراء كثيرة، ليست كالعادية البيضاء الهلامية التي تأتي في باقي الأيام، وكنت أعتقد أنها بداية الدورة، ولم تأتِ الدورة، فكنت أصوم وأصلي، وبعدها بخمسة أيام تقريبًا -في تاريخ 20 إبريل، الساعة الثالثة ظهرًا-، نزل مني سائل أصفر، مع دم ليس بقليل ولا كثير جدًّا؛ فاعتمدته حيضًا عاديًّا، وأفطرت، واستمرّ حتى المغرب، وبعد ذلك انقطع، ولم أصلِّ الظهر، ولا العصر، ولا المغرب، ولا العشاء، ولا فجر اليوم التالي، فهل عليّ قضاء اليوم الذي نزل فيه الدم، أم تعتبر استحاضة؟ وإذا كانت تعتبر استحاضة، فهل يجب عليّ قضاء الصلوات؟
وقرأت وأنا أبحث على الموقع: أن المادة الصفراء تعتبر في موعد الحيض دورة شهرية، فهل هذا يعني أنها كانت دورة، وصيامي وصلاتي باطلان أم ماذا؟ وهل أقضي تلك الأيام؟ والتاريخ الآن 21 إبريل، فهل أغتسل وأصلي وأصوم، أم انتظر أن تنزل الدورة؟ مع العلم أن الدورة لم تنزل نهائيًّا، ولا حتى إفرازات، ومدة الدورة المعتادة ستة أيام. أرجو الرد في أسرع وقت -وفقكم الله، وجزاكم خيرًا-.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فالصفرة زمن العادة حيض، عند جمهور الفقهاء؛ فأنت في حكم الحائض، وما كان لك أن تصومي، ولا أن تصلي في تلك الأيام، جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية: ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ إِلَى أَنَّ الصُّفْرَةَ وَالْكُدْرَةَ فِي أَيَّامِ الْحَيْضِ، حَيْضٌ؛ لأَنَّهُ الأَصْل فِيمَا تَرَاهُ الْمَرْأَةُ فِي زَمَنِ الإِمْكَانِ، وَلأَنَّ عَائِشَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا- كَانَ النِّسَاءُ يَبْعَثْنَ إِلَيْهَا بِالدُّرْجَةِ فِيهَا الْكُرْسُفُ فِيهِ الصُّفْرَةُ وَالْكُدْرَةُ: فَتَقُول لَهُنَّ: لَا تَعْجَلْنَ حَتَّى تَرَيْنَ الْقَصَّةَ الْبَيْضَاءَ. تُرِيدُ بِذَلِكَ الطُّهْرَ مِنَ الْحَيْضِ.
وَالصُّفْرَةُ وَالْكُدْرَةُ: هُمَا شَيْءٌ كَالصَّدِيدِ. قَال الرَّمْلِيُّ: وَهُمَا لَيْسَا مِنْ أَلْوَانِ الدَّمِ، وَإِنَّمَا هُمَا كَالصَّدِيدِ. وَقَدْ صَرَّحَ ابْنُ حَجَرٍ الْهَيْتَمِيُّ بِأَنَّهُمَا مَاءَانِ لَا دَمَانِ. انتهى.
وقال ابن رجب الحنبلي -رحمه الله- في فتح الباري: ودلّ قول عائشة -رضي الله عنها- هَذا، على أن الصفرة والكدرة في أيام الحيض، حيض.
وأن: من لها أيام معتادة تحيض فيها، فرأت فيها صفرة أو كدرة؛ فإن ذَلِكَ يكون حيضًا معتبرًا.
وهذا قول جمهور العلماء، حتى إن مِنهُم مِن نقله إجماعًا، مِنهُم: عبد الرحمن بن مهدي، وإسحاق بن راهويه، ومرةً خص إسحاق حكاية الإجماع بالصفرة دونَ الكدرة.
ولكن ذهب طائفة قليلة -مِنهُم: الأوزاعي، وأبو ثور، وداود، وابن المنذر، وبعض الشافعية- إلى أنه لا يكون ذَلِكَ حيضًا؛ حتى يتقدمه في مدة العادة دم. انتهى من فتح الباري.
وعليه؛ فإنك في حكم الحائض خلال تلك المدة التي كنت ترين فيها الصفرة.
ومن ثم؛ فلا يصح صيامك لتلك الأيام؛ لأن الصيام لا يصح مع نزول الحيض؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: أليس إذا حاضت لم تصلِّ، ولم تصم؟ فذلك نقصان دينها. رواه البخاري.
فيجب قضاء تلك الأيام؛ لقول عائشة -رضي الله عنها-: كان يصيبنا ذلك، فنؤمر بقضاء الصوم، ولا نؤمر بقضاء الصلاة. صحيح مسلم.
فيجب عليك قضاء ما صمته على تلك الحال.
والمرأة تعرف انقضاء حيضها بإحدى علامتين: إما القصة البيضاء، وهي: سائل أبيض يخرج عقب انقضاء الحيض؛ لقول عائشة للنساء: لا تعجلن حتى ترين القصة البيضاء. أخرجه البخاري.
والعلامة الثانية هي: الجفوف، بأن تُدخل القطنة في الفرج، فتخرج نقية.
فإذا رأت المرأة الطهر بإحدى هاتين العلامتين، وجب عليها أن تغتسل؛ لقول ابن عباس الثابت عنه: إذا رأت الطهر ساعة، اغتسلت وصلت.
والله أعلم.