السؤال
بدأت العمل في شركة صناعية تعمل في مجال صناعة المكائن، وكانت الشركة صغيرة، واستلمت أمور التسويق والإعلام -كمسؤول كامل عن هذه الأمور-؛ حتى نهضت بالشركة، وازدادت مبيعاتها، إلى أن أصبحت شركة كبيرة، ومبيعاتها عالية جدًّا، وأنا لا أتقاضى إلا راتبًا شهريًّا بسيطًا عن هذا العمل، ولكن بيدي أموال التسويق التي نروّج بها الإعلانات على الإنترنت، وأنا أتصرّف بهذه الأموال، وآخذ نسبة منها مقابل خبرتي وعلمي بهذا المجال، دون الإضرار بصالح الشركة العام، فهل هذه النسبة التي أتقاضها حرام، أم يجوز لي التصرف بها دون الضرر بصالح الإعلانات والشركة؟
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز لك أن تأخذ شيئًا من أموال الشركة دون إذن صاحبها؛ فإنّ ذلك خيانة للأمانة، وأكلًا للمال بالباطل.
وكونك ترى أنّك تستحق راتبًا أكثر من راتبك الحالي نظير عملك؛ فهذا لا يسوّغ لك خيانة الأمانة، ولكن يسوّغ لك مطالبة أصحاب الشركة بإيفائك أجرك الذي تستحقه، فإن أبوا أن يزيدوا راتبك، فلك أن تتركهم وتعمل عند غيرهم.
أمّا أن تجعل لنفسك نسبة من الأموال التي في يديك دون إذن أصحابها؛ فهذا لا يجوز بحال، قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-: كمن يستعمل على عمل بجعل يفرض له، ويكون جعل مثله أكثر من ذلك الجعل، فيغل بعض مال مستعمله؛ بناء على أنه يأخذ تمام حقه؛ فإن هذا حرام؛ سواء كان المستعمل السلطان المستعمل على مال الفيء والخراج والصدقات وسائر أموال بيت المال، أو الحاكم المستعمل على مال الصدقات وأموال اليتامى والأوقاف، أو غيرهما كالموكلين والموصين؛ فإنه كاذب في كونه يستحق زيادة على ما شرط عليه، كما لو ظن البائع أو المكري أنه يستحق زيادة على المسمى في العقد؛ بناء على أنه العوض المستحق، وهو جائز أيضًا لو كان الاستحقاق ثابتًا. انتهى من الفتاوى الكبرى لابن تيمية.
والله أعلم.